صالح الشايجي
ليس من عاقل يصدق ان استقالة وزير النفط «علي الجراح» ستخفف من مأساوية المشهد السياسي الكويتي، او انها ستخرجنا من «المأزق السياسي» او حالة الاحتقان!
لو اننا - فعلا - نعيش مأزقا سياسيا ترتبت اوضاعه على معطيات سياسية محددة، فربما ساعدت تلك الاستقالة على التنفيس عن حالة الاحتقان والخروج من «المأزق السياسي» ولكن المشكلة ان حياتنا السياسية تتجاوز وضعية «المأزق» الى حالة «احتراب سياسي دائم» وهي حالة لا تداويها استقالة وزير ولا تشفيها الجراحات الجزئية والتخدير الموضعي.
ان طلاب دم الحكومة كثيرون سواء داخل المسرح السياسي ومن اللاعبين على خشبته في مجلس الامة، او خارج ذلك الاطار الضيق، ليتعدد طلاب الدم ويتوزعوا على مواقع متعددة في الاطار العام للبلاد ومن مختلف الشرائح والتوجهات، وذلك ما يجعل الحكومة في حالة من الهشاشـــــة والزجاجيـــة القابلــة للتذويـب او الكسر السهل والسريع.
وهذا الواقع لا ينطبق على حكومة بعيــنها ولا على هذه الحكومة القائمة الآن وحسب، بل انه ينطبق على الحكومات كلها ما سبق منها وما هو آت، وذلك بسبب دوام الاوضاع المؤزمة نفسها واستمرارها.
وبوجود المسببات واستمرارها، فلابد لنا ان نتوقع النتائج نفسها.
تظل كلمة الحق الاخيرة التي لابد من ايلائها الاهتمام الكامل والعمل بها، اذا ما كنا حقا ننشد اصلاح اوضاعنا والنهوض ببلدنا بعيدا عن الألاعيب السياسية الصبيانية وتبادل المصالح بين طرفي اللعبة وتحقيق المكاسب اللاشرعية من وراء سياسة الترهيب والتهديد ثم الاحتواء من خلال التفريط بمصالح البلاد، تلك الكلمة تتلخص في اعادة النظر بالنظام السياسي العام واعادة دراسة قوائمه التي يقوم عليها وبالتالي ينتج لنا حالة الاحتراب هذه.
لا احد يصبر على علّته كل هذه المدة التي قاربت نصف قرن، فلماذا لا نساعد بلادنا على الشفاء من حالتها المرضية المزمنة كل هذه المدة، لتتعافى ونتعافى معها!