- وزارة الداخلية مصممة على أنني ولدت عام 1944
- أكتب قصتي وفق قانونَيْ المرئي والمسموع والمطبوعات والنشر
- إدارة الجنسية رغم الإثباتات تصرّ على أن لي عمراً آخر غير عمري
- «جحا أولى بلحم ثوره» كما كان يردد المرحوم «شكوكو»
سؤال صعب جدًّا جدًّا جدًّا..
عام 1970 كان عمري خمسة وعشرين عاما، فكم يكون عمري عام 1944؟
سؤال إجابته تستعصي على «إينشتاين» و«أحمد زويل»، و«الخوارزمي»، وكل من دار دورتهم في علوم الرياضيات، وحلّ الالغاز واللوغاريتمات!
أما من سبّب تلك الصعوبة وجعل الاجابة مستحيلة، فهي المحمية بعون الله، وزارة الداخلية وبالاخص الخصيص، «إدارة الجنسية والجوازات ووثائق السفر.. إلخ»، وأعتذر عن السهو واللهو والخطأ فيما إذا كنت أخطأت بالاسم، أو تعثرت في تركيبته العضوية أو الاسمية!
الادارة أجلها الله وأكرمها، وأجلنا جميعا وأكرمنا، وغفر لها ولنا، تصر إصرارا قاطعا وباتا ونافيا للجهالة، أن لي عمرا عامذاك وحينذاك وسنتئذٍ وحينئذٍ، وظروف الزمان المطلوبة وغير المطلوبة كلها، مثل عامئذٍ وسنتذاك ويومئذٍ ويومذاك.. وإلخ!
أما كيف؟ فالكيف كيفها والمزاج مزاجها، أما أعمارنا فهي لعبة في يديها تتصرف بها وبنا مثلما تشاء ويشاء لها الهوى، و«اللهم لا اعتراض»، وهي «أبخص» منا بأعمارنا، وأعلم حتى من اهلنا بأيام ميلادنا وكل من يريد ان يعرف متى ولدته امه، فما عليه سوى الاعتماد على الله، وقراءة الدستور، والانطلاق من ساحة «الارادة» مباشرة الى «الادارة»، واذا وجد احدا هناك «عطاه ويه»، بالفصحى: أولاه اهتماما، فيستطيع حينذاك سؤاله: «عمي.. عمي لو سمحت متى ولدتني أمي»؟
وما هي الا خبطة او اثنتان على الكمبيوتر، حتى يكشف لك عمك، اسرارك الخاصة والعامة، وحتى اسم الولّادة ومن حضر الوِلادة ومن شهد «الوقيعة» والواقعة، واخواتك وإخوانك بالرضاعة والصياعة، وهلم جرا...!
قلت ان ادارة الـ .. والـ.. والـ...، تصر على ان لي عمرا عام 1944 وقبل ان تلدني امي ولم اقل كيف، وسأصرح الآن وأقول ـ غير متجنٍ ولا باغٍ ولا كاذب ـ كيف حدث هذا وصار وجرى!
أعياد ميلادي
في جوازات سفري القديمة، كانوا يكتبون انني من مواليد 1945، ثم جعلوا ميلادي 1946 أي اكرموني بسنة زيادة (بدل غلاء معيشة) ولمواجهة تكاليف الحياة وزيادة الاسعار، وتماشيا مع ارتفاع اسعار النفط وزيادة الدخل القومي! وهي لفتة كريمة منهم ـ أنتهز هذه المناسبة لاشكرهم عليها ـ ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله.
ولكن الادارة الموقرة قد انزعجت ـ على ما يبدو ـ من شكري المتواصل لها، في السر والعلن، وآناء الليل واطراف النهار، حتى ضجت من شكري البوادي والفيافي والخلجان، فقررت «الموقرة» إنزالي درجتين وإضافة سنتين الى عمري فجعلته في آخر العام 1944، لا أوله، ليكون تاريخ ميلادي في 24/12 من ذلك العام!!
ثم وفي جواز لاحق جعلته في 1/1/1944، وهو كما تلاحظون تاريخ جميل ولو كان يباع في سوق الارقام لبعته، ولكن يا فرحان لا تفرح.. ويا سعيد لا تسعد لماذا يا هذا؟
هذا ما ستعرفونه، بعد الفاصل!!
الكويت في «غوانتانامو»
لما كنت انوي السفر ـ في إحدى السنوات ـ الى احدى الدول المتحضرة والتي تدقق تدقيقا دقيقا، على الشاردة والواردة والطالعة والنازلة و«الرايحة والجاية»، ولما كنت احمل في جوازي القديم «فيزا» متعددة السفرات لتلك الدولة، وخشيت ان تكتشف تلك الدولة الاختلاف الظاهر والبين بين تاريخي الميلاد، والتناقض الفاضح في الجوازين، فقد قررت ـ انا المذكور اعلاه وادناه وعلى جنبيه ـ التوجه ـ وانا بكامل ارادتي واهليتي ومالك شرعي لقواي العقلية ـ الى الادارة «اياها»، بغية تصحيح الاوضاع واعادة المياه الى مجاريها والامور الى نصابها والمواليد الى سنيها، خوفا من أن تكتشف إدارة الجوازات في مطار تلك الدولة، الاختلاف في تاريخ الميلاد بين الجوازين، فتلقي علي تهمة «مجلجلة» مدوية، لا فكاك لي منها، إنها تهمة التزوير في أوراق رسمية!! ثم تلحقها بتهمة الانتماء إلى منظمة ارهابية، وستكون بلا ادنى ريب ولا شك منظمة «القاعدة»، وبعد ذلك خذوه فغلوه في «غوانتانامو» وما استيقظوا!
ودرءا للمخاطر والنكبات، وحماية لدولتي من ان تدخل في سجل الدول الراعية للارهاب ـ يكفيها بوغيث ـ فقد قررت تصحيح الوضع من خلال الجهة الرسمية التي عبثت بي وبتاريخي (رغم أني ليس لي تاريخ)! «تاريخي؟.. ما لي تاريخ إني نسيان النسيان» على رأي واحد شاعر ما له تاريخ، كحالي!
ولو اعترفت لهم هناك بأنني بريء من التزوير، وأن دولتي هي المزورة، فربما يجرون الدولة كلها الى «غوانتانامو»، وبذلك يتحقق حلم اخواننا العراقيين، ويحتلوننا «على راحتهم»، ويأخذون نفطنا حتى يجففوا منابعه، ويوزعونه على فقراء العالم، ويحررون فلسطين والاهواز وربما الاندلس، «إذا كفى النفط»! ولا يشكون حينذاك من ضيق منافذهم البحرية!
أقول: درءا لذلك كله، قررت أن أضع الجميع امام مسؤولياتهم الوطنية والتاريخية، فرحت إلى الادارة الموقرة لتصحيح الاوضاع! فماذا وجدت هناك؟
الجواب بعد الفاصل.
شمس... يا شمس
في الادارة الموقرة، «محدّ عطاني ويه»! الحمد لله إذن الامور تجري في مسارها الطبيعي، زد على ذلك أنني من لابسي «البنطلون»، ولابسو البنطلون محتقرون بالفطرة عند اهلنا الكويتيين، بل عند الجميع، بمن في ذلك اخواننا البنغال، وراكبو الحمير والبغال!
اكثر كلمة سمعتها هناك هي كلمة «شمس».. «شمس».. «شمس»، وعرفت بذكائي الفطري، ان «شمسا» هذا هو المتصرف بشؤون الادارة وهو «اللي يحط ويشيل» ولا كلمة تعلو على كلمته، وكلمته هي الفاصلة والحاسمة!
المهم أنني قابلت أحدهم، وأحدهم هذا هو من الموظفين الذين بإمكانهم البت في معضلتي، أو إرشادي إلى ما يتعين علي فعله، أو ما يجب عليهم هم فعله. فنادى هذا على «شمس»، فجاء «شمس» - واثق الخطوة يمشي ملكاً - وبعدما نظر إلي شذرا شزرا مذرا مزرا، صاح بأعلى صوته: لبيك سيدي! طبعا يقصد الموظف ولا يقصدني أنا (ثكلته امه)!
طلب الموظف من «شمس» أن يأتي بملفي، وبما ان «الحر تكفيه الاشارة» فقد أحسست بأن الموظف المحترم يريد صرفي من مكتبه، حتى عودة «شمس» من مهمته، فخرجت صاغرا غير كابر، أنشد السلامة والستر والصحة. فلما طالت غيبة «شمس»، استأذنت إحدى الموظفات، بأن أقوم انا بجلب ملفي على اعتبار أن «جحا أولى بلحم ثوره» ـ على رأي المرحوم «شكوكو»! ولكنها أجابتني إجابة منطقية ومعقولة «جدا»: «لا حجي ما يصير المراجع يشوف ملفه»! كدت أصفق لها على تلك الاجابة البليغة، بينما كنت أردد بسري «أنا ما يصير أشوف أو أجيب ملفي بس الفراش كله واحد»؟
بعد انتظار طال أمده وتكرار ذهاب «شمس» وعودته، وطلعته ونزلته، دون أن يحضر ملفي، بدأ الشك يساورني وتداخلني الريبة، وأخذت الوساوس تتحرك في صدري حتى انني تخيلت أن ثمة ما يدبر ضدي، وأنه بعد قليل ستداهمني قوة عسكرية مؤللة مجحفلة، تساندها قوات التحالف المدعمة بالمدافع والصواريخ الذكية، للايقاع بي، بتهمة التزوير أو «الازدواجية» وتقديمي للمحاكمة، وتجريدي ـ بعد ذلك ـ من جنسيتي الكويتية ومنحها لـ«شمس»، مكافأة له على اكتشافه تزويري وتلاعبي بـ «المحررات الرسمية» وانتحال صفة الغير!
وبينما أنا أخوض بحر تلك الوساوس وتتناهبني الظنون وتغتالني الشكوك، جاء الفرج يرفرف على جناحي «شمس»، فرفعت كفي الى السماء أشكر ربي الذي يسر وما عسر، والحمد لله أن لي ملفا لم تلتهمه الفئران بعد!
وبعد وصول الملف بالسلامة، استدعاني الموظف الهمام، ليبلغني قراره المنتظر والمختصر وبجفاء واضح لا يقبل التأويل ولا التحويل!! قال سلم فوه وبنوه وذووه وحموه وأبوه وأخوه: «أخوي شغلك مو عندنا، روح ادارة شهادات الميلاد، وهم يصلحون تاريخ ميلادك مو إحنا»!!
قالها وقولته سيف بتار، يقطع ولا يرتق، وحاولت ـ عبثا ـ أن أفهمه أنهم حين غيّروا تاريخ ميلادي لم يرجعوا لشهادة الميلاد، وأن تاريخ ميلادي المثبت في شهادة الميلاد مخالف لما هو مدون في الجواز، وأنه لا فائدة من مراجعتي للادارة المختصة باستخراج شهادات الميلاد! وأنني لا أطلب سوى أن يعيدوا تاريخ ميلادي إلى ما كان عليه في الجواز القديم!!
ولكن محاولاتي كلها باءت بالفشل الذريع والسريع الذوبان، بعدما أقفل السيد المحترم باب النقاش في وجهي ويبدو أنه مبرمج على الارسال فقط، أما برمجته على الاستقبال فكما يبدو مؤجلة الى الخطة الخمسية المقبلة، وستجعلها الحكومة ضمن خطتها التنموية «أم الخمسة والثلاثين مليار».
«من شاف بلاوي الناس»
هذا الكلام المكتوب والمنشور وفقا لقانوني المرئي والمسموع، والمطبوعات والنشر، ليس القصد منه تعديل المعوج وتصحيح الامور أو زجر الحكومة ونهيها عن التزوير ـ لا سمح الله ـ ولا تعديل تاريخ ميلادي، بل إنني كتبت ما كتبت وأدليت بشهادتي للتاريخ، ولقطع دابر التفاؤل الكاذب، بمستقبل إدارتنا الحكومية! ولتأكيد المثل القائل «من شاف بلاوي الناس هانت عليه بلوته» وذلك لأنني على يقين تام و«بعلم الوصول» أن قصتي هذه، مجرد استهلال لمعلقة أو ملحمة ألوفية الابيات! وأنها نقطة في بحر الاخطاء والمصائب والكوارث التي تعرض لها غيري!!
[email protected]