صالح الشايجي
في لبنان تتغنى فرقة غنائية بأغنية ساخرة، تسخر من الزعماء والسياسيين والنواب اللبنانيين، وتصف، وبأسلوب ساخر لاذع، كيف تكون البلاد مرتاحة وصافية، اذا ما «فلّ الزعما» اي اذا ما رحلوا خارج البلاد!
لأن اولئك «الزعما» والسياسيين - حسب منطوق الاغنية - هم سبب كوارث البلاد ومصائبها!
في مصر ثمة ما هو اكثر حيث سقف الحرية في نقد السياسيين والحالة السياسية عامة بمكوناتها البشرية والفكرية لا حدود له، وتزخر اعمالهم الفنية سينمائية او مسرحية او تلفزيونية بانتقادات مريرة واتهامات مباشرة بالفساد المالي والاخلاقي والسياسي لاولئك النواب والسياسيين، وتصور اعمالا درامية تعتمد مادتها على سِيَر النواب او الوزراء لتظهرهم لصوصا او تجار مخدرات او ذوي علاقات نسائية مشبوهة وفي مواقف مخجلة!
يجري كل ذلك وامام الملأ وتتناقل دور العرض السينمائي والمسارح وقنوات التلفزيون تلك الاعمال وتروجها، دون ان يحتج احد من اولئك السياسيين او يطالب بايقاف تلك العروض المستهزئة او حتى المتجنية احيانا، وذلك لامر بسيط جدا، وهو أن حرية النقد والتناول مكفولة بحكم الدستور وتحت سقف الديموقراطية التي يجب ان تظلل الجميع بظلها وليس فقط اعضاء البرلمان.
اما عندنا فان الوضع مختلف تماما بل وعكسي حيث يُمنع منعا باتا انتقاد البرلمانيين والسخرية منهم، ويصل ذلك الى حد التجريم، حتى ان البعض من اولئك البرلمانيين طالب بمعاقبة كل من يتحدث عن حل مجلس الامة.
نكتشف - هنا - ان مجتمعنا غير ديموقراطي، وان الثقافة الديموقراطية لم تغزنا، وان سلوكنا غير ديموقراطي، انما ديموقراطيتنا مجرد نظام سياسي، وليست سلوكا شعبيا، وان كل من ينتقد مجلس الامة يصنف في خانة «اعداء الديموقراطية»، بينما الحقيقة عكس ذلك، لان الديموقراطية الحقيقية تبيح للجميع التعبير عن آرائهم، لا حصر ذلك في اعضاء البرلمان فقط!