حين يكون وردك جافا يابسا متكسر الاوراق متخشب الساق، لا تحاول أن تعرضه في سوق الورد على غير حقيقته العجفاء تلك، وإلا كنت مزورا مدلسا غشاشا، تطاردك يد القانون وتلسبك عصاه تجرح ظهرك وتنقض طُهرك وتُسود دهرك وتمغرب ظُهرك!
فإياك ثم إياك وإياك أن تفعل ذلك، إذا ما كنت في بلاد تحترم الورد وتحبه وتعطيه قدره، وفضلا عن ذلك تجرم الغشاشين والمدلسين وباعة الفجل على أنه ورد!
أما في «بلاد العرب أوطاني وكل العرب إخواني» فدلس وغش وزور وبع البرسيم والفجل والثوم والبصل، على أنها ورد معسول مغسول مسلسل مصلصل، ورد ابن ورد، ولن يمسَّك أحد بسوء قط بل ستتقاطر عليك الجماهير الغفيرة لتدوي بصيحة «بالروح بالدم نفديك ياغشاش»، لأن أمتك العربية الكريمة والعريقة والابية تمشي عكس السير وتمضي إلى مستقر لها في الكهوف المظلمة الموحشة المخيفة، حيث لا «حنيس ولا ونيس» الا هي «تحنس وتونس نفسها تحنيسا وتونيسا ذاتيين»!
هذا الواقع وتلك الحقيقة العروبية، اكتشفهما طلاب الزعامة والرئاسة والقيادة، فصاروا يمارسونهما ويبيعون الفجل في سوق الورد، فلا تبور بضاعتهم ولا تكسد، بل هي تنفذ أحيانا قبل العرض! ودخل هذا السوق العربي الفرس والروم، مثل «أحمدي نجاد» و«اردوغان» الرومي أوالتركي حسب التقويم العالمي الجديد - وأقوام أخرى - أيضا - اكتشفت هذه اللعبة المسلية والمضمونة النجاح المنقطع النظير، فصارت تلعبها وتحصد المكاسب!
وفي مصر التي نحبها حبا جما، شطار من هذا النوع والذين عرفوا اللعبة وصاروا يلعبونها باقتدار وتفرد، ومنهم الزعيم الجديد الحديد «إبراهيم عيسى» رئيس تحرير صحيفة اسمها «الدستور» والتي لو لم يكتب فيها صديقنا الصدوق والذي أكنيه أنا بـ «أبو متيح دوار الطلايب» لما أثار رئيسها اهتمامي أو تعليقي هذا، ولكن سامح الله «الوشيحي»!
المهم أن السيد «ابراهيم» تمت إقالته من رئاسة تحرير «الدستور» بأوامر من صاحب الجريدة، فقامت دنيا «الدستور» وانقلبت وهاج الهياجون وصاح الصائحون واعتصم المعتصمون ودوى المدوون بالنداء الخالد «بالروح بالدم نفديك يا إبراهيم»!
اعتصم الكتبة والطباعون والصفافون والهتافون، يطالبون بعودة «زعيمهم الخالد» وإلا فليحترق الدستور وتبلى مواده وتسيح كلماته و«كله في حبك يا إبراهيم يهون»، فـ «أنت رئيس مدى الحياة» ولن نرضى غيرك بديلا!
وصاحبنا «أبو خليل» من أولئك الشطار الذين احترفوا بيع الفجل في سوق الورد، وهو من ذلك النوع الذي يحب أن يثير الضجيج حول نفسه وتسليط الاضواء عليه، فما ان تفتح التلفزيون لتشاهد «هيفاء وهبي» وصويحباتها، حتى يفاجئك «أبو خليل» مقدما للبرامج ومذيعا، وما إن تغير القناة إلى قناة الافلام لانك اشتقت الى «اسماعيل ياسين» حتى تفاجأ بصاحبنا «أبو خليل» ولكن هذه المرة ممثلا لا مذيعا وهكذا تتعدد مواهب «ابو خليل» وتتوزع بين الصحافة وتقديم البرامج والتمثيل، وربما لديه مواهب أخرى لم يفصح عنها بعد، وهو قبل هذا وبعده وقبل الأكل وبعده زعيم عربي يعرف كيف يبيع الفجل في سوق الورد!
[email protected]