صالح الشايجي
لا تبدو الأمور كما نريدها، ولن تكون! وهذا أمر طبيعي وواقع يحياه الإنسان منذ بدء الخليقة وحتى نهايتها، لأن للإنسان طموحات تجاوز واقعه وامكاناته، وكلما حقق الإنسان حلما من أحلامه، بات ذلك الحلم والمستحيل أمرا واقعا واعتياديا ونسي أنه كان حلما وأمرا مستحيلا ومستعصيا، لذلك فهو دائم التشوق الى تحقيق ما لم يحققه.
إن طموحات الإنسان كثيرة وأحلامه أكثر وأمنياته لا تعد، وتلك الطموحات والأحلام والأمنيات هي التي دفعت الإنسان وتدفعه الى العمل من أجل تحقيقها باذلا في سبيل ذلك الجهد والمال والوقت وكل ما يستلزمه تحقيق تلك الطموحات. وهذا ما يبرر وجود الصراع في الحياة والحروب والتنابذ والاختلاف بين البشر، وهو أيضا ما يغيّب فكرة السلام عن الأرض، أو بين المجاميع البشرية التي لو اتفقت كلها على مبدأ واحد، لساد الوجوم والصمت ولتعطلت حركة الحياة وربما ماتت.
إن الحروب لا شك مقلقة ومزعجة للبشر وتستهلك مواردهم المالية وطاقاتهم البشرية وتحصد الأرواح والممتلكات وتثير الرعب والفزع ويتوزع ضحاياها بين جرحى وقتلى ومقعدين، ومن الصعب على المرء ان يسلم بها أو يتخذها على انها أمر اعتيادي وطبيعي، ولكن هذا الانسان لو فكر مليا وفحص وتمحص، لتأكد له ضرورة الاختلاف بين البشر وطبيعية تلك الاختلافات التي تقود الى الحروب التي تمثل في كثير من المفاصل التاريخية حلا لمشاكل مزمنة، وعادة ما ينتشر الرخاء بعد قيام هذه الحروب ما ينسي الإنسان أهوالها وكوارثها والأرواح التي حصدتها.
إنها طبيعة الحياة القاتلة والمميتة، لأن الموت - أساسا - هو من سنة الحياة، لذلك فلا مهرب من سنّة الحياة!