صالح الشايجي
السياسة متلافة لكل شيء، للناس، للضمائر، للارواح، للكلام..
خلقنا في زمن سياسي، وربما كان ذلك هو قدرنا العنيد والاليم..
ما هو الزمن السياسي؟ كل الازمنة سياسية؟!
هو الزمن الذي يخلو من الفكر والابداع والانتاج، فيعمل الناس بـ «السياسة».
في مثل ذلك الحال تصبح السياسة مهنة من لا مهنة له، لا مهنة النخبة والكبراء واهل الفن والفكر والحكمة.
حينما تصير السياسة رغيفك اليومي، فإما ان تأكلها او تموت، فإنه لا مناص من اكل ذلك الرغيف، وكأنك تتعاطى دواءك المر الذي ان لم يسر في دمك يوميا فإنك تسلم ذاتك لملك الموت..
فإما السياسة وإما الموت..
فضلت الحياة بـ «السياسة» على الموت بدونها، لأنني ابن الحياة وعاشقها والساعي الى تجميلها.
لم اركب سفينة السياسة او أمخر عباب بحرها - والعياذ بالله - ولكنني اعني اننا في مجتمعات ترتكب السياسة فعلا فاضحا وآثما، وما من دابة بشرية في مجتمعاتنا التي «نسيها الزمن» الا والسياسة وسادة تتوسدها او رغيف خبزها اليومي الذي تقتاته.
آنذاك.. قبل ثلاثين عاما مازال البيرق القومي يخفق في اللامنظور العربي، كانت عيوننا الساذجة تراه مثلما كانت قلوبنا البلهاء تظنه وتتوهمه.
كنا - آنذاك - شبانا، والشبان لا يخدعون بل صادقون وعفويون، ولكنهم ينخدعون ويصدقون ويفضلون السعي واللهاث وراء السراب وهم ظمأى يابسو الاكباد، على كأس ماء بارد في متناول ايديهم..
وهكذا كان.. او كنت.. لهثت وراء سراب.. وكسرت الكأس المثلجة..
ومازال في «دروب العمر» شيء يقال.. فإلى الغد.