صالح الشايجي
بقدر ما نرفض ما تعرض له «بشار الصايغ» و«جاسم القامس» على ايدي رجال امن الدولة، فاننا بالقدر نفسه او ربما اكثر، نرفض استغلال البعض لتلك الحادثة المرفوضة والتأسيس والبناء عليها والتهديد بردة الفعل، او بالفعل المضاد الخارج عن الاطر القانونية والدستورية.
ان حدوث «جريمة» ما، او فعل ما، لا يبرر ان يكون رد الفعل في الساحة ذاتها التي وقعت فيها «الجريمة» او الفعل المستنكر، وبالادوات نفسها! بمعنى اذا ما كان الحدث المستنكر غير قانوني وغير دستوري وخارج المألوف، فلا يجب ان تكون ردة الفعل «غير قانونية» و«غير دستورية» و«خارج المألوف» ايضا، وإلاّ نكن في مثل هذه الحالة قد برأنا الجاني من جنايته لاشتراكنا معه في الخروج عن القانوني والدستوري والمألوف!
والغريب ان تصدر ردات الفعل وتلك التهديدات، من الناطقين ليل نهار بـ «الدستور» و«دولة القانون» وبحماية النظام الدستوري!
ان هذا دليل واضح لا يقبل اللبس على هشاشة فهمنا الدستوري والديموقراطي، ويكشف غطاءنا الدستوري الزائف الذي لا يستر لنا عورة ولا يحافظ على قيمنا الدستورية، ضد هبوب نسمة راكدة من هواء رطب، جاء من الجهة الاخرى!
ان الايمان الحقيقي بالديموقراطية يلزمنا بأن ننظر الى موضوع «الحريات» نظرة موضوعية متكاملة، لا ان نغمض عينا هنا وعينين هناك، ونفتح واحدة هنا واثنتين هناك! لان القبول بثلم او تقليص جزء من اي من الحريات، هو قبول ضمني بمساس الحريات جميعا، وتخلٍّ عن الحق في الحرية ايا ما يكن نوع تلك الحرية، وهو - الى ذلك - مقدمة للمساس بالحريات جميعا الفردية والجماعية، ومنها حرية الانسان وعدم حجزه وتقييده.
ارجو ان يكون ما حدث درسا لنا في «علوم الديموقراطية»، فعلينا ان نتعلم الديموقراطية الحقيقية حتى نستطيع معالجة امورنا وفق انظمتها ومن خلالها، لا ان نكون اول الجانحين والخارجين على تعاليمها حين تمسنا يد عضباء، فنكفر بالديموقراطية التي نقيم لها مواكب الفرح ليل نهار!