صالح الشايجي
وكأنما صيفنا السياسي، كان ناعما باردا يحمل نسمات المساء معطرات بروائح الفل والياسمين!
نوابنا يقضون عطلاتهم الصيفية على شواطئ «نيس» و«كان» يرتدون «الشورتات» و«التي شيرتات» ويقطعون الساحل جيئة وذهابا يستلقون على رماله تارة وتارة يستلقون على ظهورهم في مياهه المحلاة بأجساد السابحات الفاتنات من حولهم، ونحن هنا ننعم بالهدوء والسكينة ونقضي أيامنا بين المتنزهات والحدائق والشواطئ النظيفة المنظمة المسموح فيها بالسباحة للجميع ذكورا واناثا، وبأي زي بحري أحبت الاناث ارتداءه، ونحتار في الليالي كيف نقضيها لكثرة العروض والتنافس بين اماكن الترفيه الليلي، وكأنما حكومتنا سعيدة بانجازاتها اليومية المتلاحقة، فاليوم افتتحوا مدينة سكنية كاملة المواصفات، وامس كانوا قد انهوا طريقا سريعا، ووافقوا على المشاريع النائمة في الادراج منذ سنوات وسنوات حتى علاها الغبار وأكلها «الدود»، واعلنوا فتح البلاد لكل راغب في التمتع بحلاوتها وجمالها وشطآنها ومتنزهاتها ومدنها الترفيهية وسهراتها الصباحية.
أقول - واستعيذ بالله مما أقول - كأننا كنا في مثل ذلك الوضع الوردي المتخيَّل، حتى تأتينا كارثة حريق مستشفى «الجهراء» لتقلب صفونا كدرا، وكدرنا طينا.
حريق مستشفى الجهراء، لم يكن بالأمر المستــغرب ولا هو بالمفاجئ، فكل ما في بلادنا قابل للاحتراق والحرق، فان كان حريق الجهراء أجج النار في صدور النواب، فان بعض النواب في افعالهم واقوالهم واقتراحاتهم ومشاريعهم، قد أججوا النار في صدورنا جميعا فأحرقوها وأحرقونا.
كل شيء قابل للاشتعال والحريق في الكويت، مادام الكل منصرفا عن عمله الاساسي الى اعمال لا علاقة لها بطبيعة ذلك العمل، ولأن الأخطاء والتجاوزات والمحسوبيات في التعيين وفي الانشاءات وفي الصيانة وفي المراقبة، تخضع لأمزجة سياسية ومصلحية معينة، وهذه المقدمات ستؤدي بالضرورة الى مثل تلك النتائج.
لا نريد ان تكون وزيرة الصحة «معصومة المبارك» كبش فداء يشوى في محرقة الجهراء، بل ان الكباش كثيرة فإن لم تشوَ بتلك المحرقة، فان الدور قادم إليها في محارق أخرى.
فقللوا الكباش وتداركوا النيران قبل ان تشتعل!