- ما حدث في مجزرة الصليبخات كان له مقدمات.. تجّبر من النواب وانتهـاك لحقوقنــا وديموقراطيتنا بمساعدة الحكومة!
- انسحب الدم من وجهي وأخذتني رعدة وزاغت عيناي وحلّ بهما ما يشبه العمى المؤقت
- الشرطة.. هي سيف لنا.. لا علينا.. هي السور الحامي نستظل به من كل جائرة تجور
- بين الحكمة والحكومة «واو» زائدة.. و«الواو» حرف علة ومن به علة يداويها.. لا يتباهى بها ولا يفاخر
«أزعر» و«أزهر»
هذه الـ «قيلولة» مكتوبة بكلام بعضه «أزعر».. وبعضه «أزهر»..
بعضه ناقم عاصف ناسف.. فهو «أزعر».. طائش.. مجنون يحلق في فضاء محترق..
كسيفٌ، كسيفِ الفارس المهزوم المثلوم عرضُه الحربي..
وبعضه رثاء لأزمنة كنا أربابها في بلادنا.. حينما كانت البلاد لنا بالتساوي نحن بنيها البانين تحت جذوع نخلها آمالا لا تطيش، ولكن ـ أيضا ـ لا تتحقق!
جُحر أسود وحجر أمرد
انسحب الدم من وجهي وحل الصفار فيه وأخذتني رعدة، ودمدمت وزاغت عيناي وبعدتا عن الشاشة التي كانتا متسمرتين عليها.. وحل بهما ما يشبه العمى المؤقت، ذلك وأنا أرى ما كانت التلفزيونات تبثه من أحداث طغى فيها السفه والطيش وغاب العقل وعاب الباطل الحق وألحقه جحرا أسود وألقمه حجرا أمرد.
أحكي عن ليلة بكى فيها قمر الكويت.. وتندت جبهتها بعرق الحياء..
إنها ليلة «الصليبخات».
كيد المعتدي
صور مشوشة.. أناس يتدافعون.. شرطة مدججة بسلاح وبعزم مؤجل.. وأصوات زاعقة بكلام لا حروف فيه..
ثورات وغضب وتدافع وصفوف تختلط ببعضها.. وأشياء تتطاير في الهواء صوب الشرطة تريد رد كيد المعتدي أو هكذا هي تصورته..
ناس الكويت.. الناس الكويتيون.. يتصورون شرطة بلادهم أعداء يردون كيدهم!
طمئنونا عنكم
ياللعجب.. بل ياللهول وياللأسف المضني المبكي المؤلم..
كيف للأمور أن تجري هذا المجرى.. وتسير على هذا الطريق الصعب وترتقي هذا المرتقى الوعر.. وتركب هذا المركب الهائج المجنون؟!
في عرفنا وأدبياتنا وأخلاقنا، أن الشرطة على حق دائما.. هي سيف لنا لا سيف علينا وهي سورنا الحامي وهي السقف الذي نستظل به من جائرة تجور ومن ظالمة تظلم ومن سافلة تسفل..
فكيف تجرؤ يد كويتية على أن تمتد لها بسوء وتقذفها بمتطاير يخرق الهواء ليفقأ عينا شرطية أو يجرح أو يكسر؟!
ذلك كان سبب الغمة التي أصابتني والرعدة التي رعدت والرجفة التي رجفت والعاصفة التي عصفت!
فهل أنتم بخير؟
طمئنونا عنكم!
الـ «واو» الزائدة
بين الحكمة والحكومة «واو» زائدة في «الحكومة»، و«الواو» حرف علّة، ومن به علة يداويها، لا يتباهى بها ولا يفاخر!
جرت الأهواء بما لا تشتهي الأقدار ولا سفن الآمال الكويتية التي خذلتها «علّة» الحكومة أو عللها المتكاثرة فصار الذي صار وجرى الذي جرى!
دم وعظام تتكسر وأمهات يلتعن وصغار هالهم ما يرون عليه آباءهم من هول وروع وجروح، وزوجات أعددن ثياب عدتهن لسفر الحزن الطويل وعمر مقبل من الوحدة والالتياع واليتم الزوجي!
العازفون على الدستور
كان الملعب معدا للعب السياسي، لرأي من هنا ورأي ضده.. يتصارع الرأيان بلا دم ولا جسد ينهك، ولم يكن ميدانا للحرب والطحن وعجن اللحم البشري وجرش العظام المتصلبة تحت جلودها!
لا للسلاح الحاضر الجاهز تحت بند الاستعداد، فما الذي جرى يا حكومة الـ «واو» الزائدة عن الحكمة؟! حتى تخوني أصول اللعب وتخالفي أساليبه المعتادة؟! من أوحى لك بأنك فوق القانون؟! من سلمك أرواح الناس تعبثين بها عبث الجهال الطائشين السفهاء، وتنتهكين أجسادا ائتمنك القدر عليها فخنت الأمانة وجاهرت بالعداء لمن استظل بأمان كاذب تحت جناحيك؟!
أهذه هي الديموقراطية التي تزعمون؟! أم هو الدستور الذي لحنتموه وعزفتموه على صرير الأسلحة والبارود ودماء الكويتيين؟!
الظمأى الأجّاجة
لابد لكل عاقل أن يعقل ويعرف أن ما حدث في مجزرة الصليبخات وما أعقبها من تكميم للرأي وقطع للألسنة، كان له مقدمات قديمة توحي بأن ما حدث سيحدث ذات يوم شاحب لونه باهتة شمسه، أو ليلة سوداء قاتمة لا ضمير لسوادها ولا قمر في سمائها العطشى!
تجبُّر واضح وتعسف صارخ من قبل النواب وانتهاك لحقوقنا نحن المواطنين الذين لم ننصب لنا خيمة في ظلال الديموقراطية ولم نخبز أرغفتنا في تنورها ولم نشرب يوما من قراح مائها، نحن الذين سلبنا النواب أو بعضهم المغالي في دروب التقليد والمحافظة والزجاجية والتدين، كل وشيجة تربطنا ببلادنا وحياتنا وإنسانيتنا، وتعينهم على ذلك التجبر الحكومة ذاتها التي ارتضت لنفسها أن تكون أصغر التابعين لأولئك النواب وآخر السائرين في قافلتهم الظمأى الأجاجة، ورغم ذلك لم نتمن يوما أن تجنح حكومتنا إلى العقاب الجسدي للنواب وضربهم بالسلاح المكهرب لترفعهم درجات ودرجات فوق ما يستحقون، ولتجعلهم شهداء معركة لم يعدوا لها العدة ولم يجهزوا لها أكفانهم البيضاء ولم ينصبوا سرادق العزاء لفنائهم المباغت ولموتهم الفجائي!
دق الطبول
ما كان لأولئك النواب أن يتجبروا ويتسلطوا لو لم تدق لهم الحكومة الطبول، وإن كانت الحكومة ترى خطأ فيما أقدم عليه النواب في تجمعهم السلمي وما يريدون قوله في ذلك التجمع، فإن خطأها هي أكبر من خطأ النواب، فهي التي استسلمت وغالت في الطوع والتبعية والخنوع والخضوع!
وإن كانت (الحكومة) تعتقد أنها بما فعلته من قمع قد صحت صحوة متأخرة، فإن نومها خير من صحوها وما هكذا يكون الصحو يا حكومة النائمين، ولكنه يكون بإعادة حقوقنا المسلوبة من قبلك ومن قبل مجلس الأمة وعدم تذللك له. وحقوقنا لا تعود بالسلاح وإسالة دم أبناء الوطن!
لسنا في بلادنا دمويين.. ولا سبابين ولا طعانين ولا لعانين ولا شتامين، فمهما بلغ الخلاف من مبلغ ومهما طاش وارتعشت به الأفئدة وارتعدت منه الأطراف، فلن يغادر ساحة الكلام وحومة اللسان!
لن تكون على حق، حينما تظن أنك كذلك، ولكن تكون على حق وحكيما حين يراك الآخرون كذلك، حين ينصبونك إماما للحق وصوالا في ساحة العدل!
ومن يحتكر الحكمة وحده، هو كمن يعتقل نفسه في أرض سوداء جدباء، طيرها حبيس وماؤها وحل رطيب!
وهما ـ مجلس الأمة والحكومة ـ كل منهما يضع فوق رأسه قلنسوة العالم الحكيم، ويعتمر قلب الامام العادل ويذرف من فيه كلاما يظنه معسولا ولم يستطعم مرارة سمومه، ولكننا نحن من يستطعم ويذوق ويموت بذاك السم الذي تذرفه كاذبات الألسن!
نحن الناس الطيبين البسطاء الذين لم نشهر حرابا ولم تمس قدودنا على أنغام مزامير «الديموقراطية» ولم نجعل مناجلنا حشاشة حصادة لزروع تلك «الديموقراطية» الجائرة الكاذبة، نحن الذين ندفع الثمن ونسدد فاتورة التهور من ناحية، ومن ناحية أخرى نبكي على بلادنا المختطفة والتي تلقتها أنياب لا تجيد سوى الجرش وأيد لا تجيد سوى النهش!
الهزيمة المنشودة
هذه ليست مدمعة وليست بكاء ولا نواحا في مأتم..
أرجو عدم قراءة هذا المكتوب الكليم.. بالروح البكاءة ولا بالأعين الدامعة..
ما هذا قصدت ولا يظنن ظان منكم ذلك..
أنا لا ألبس الأوطان قفاطين النساء ولا أحبسها في رياض الأطفال لتقرأ وتكتب وتأكل وتشرب.. ولا أدعو لحفظها في خزانات بلورية وأمنع لمسها، فالاوطان عرضة للتقلبات والتبدلات والانفلاتات والحوادث الجسام.
والسياسة ـ ولاسيما في مثل بلادنا ـ غدت لعبة وتسلية في أوقات الفراغ وما أكثرها ـ في بلادنا ـ ومن طبيعة هذه السياسة تعكير الأجواء وإثارة الغبار والتحزب والاصطفاف في طوابير مهزومة تبحث عما يعزز هزيمتها المنشودة.
شعاب وأخاديد
إن ما جرى رغم البؤس الظاهر، هو من اعتياديات الأمور، ومما لا يجب الجزع منه أو البكاء عليه، أو أن يترك ندوبا أو يفتح أخاديد وشعابا، يأخذ كل منها فريقا منا نحن الكويتيين!
كل بلاد الدنيا.. زاهيها وباهيها.. وكئيبها وقاتمها.. عرضة لمثل تلك السالفات العجفاوات.. ولمثل تلك الحادثات..
وعلينا الا نجزع وألا نؤسس على ما حدث مبعثا جديدا للفرقة والانشطار والتحزب.
[email protected]