كم كنت اود لو أنني أحزم كلماتي هذه وأقدمها لك طاقة ورد في يومك العصيب هذا.
«أما أيام الوطن العصيبة فما أكثرها وما أكثر تناسلها».
ولكن الورد ذو لغة ضعيفة مستجدية هينة، وما أظننا اليوم ـ يا سيدي ـ بحاجة اليها بقدر ما نحن بحاجة الى لغة الوضوح والعلانية والمباشرة، لغة صادقة محبة لا شامتة ولا حاقدة ولا حاسدة.
سيدي سمو الرئيس:
غدا ستشهد الكويت جلسة التصويت على كتاب عدم التعاون الذي قدمه عشرة من نواب مجلس الامة، وحسب القراءات كلها، فان سموك ستتجاوز هذا الامتحان العصيب وستنال الثقة وستلمع يدك بشارة النصر، وستعلو ثغرك الابتسامة. ولكم كنا نود أن نفرح لفرحك ونشاركك أعياد نصرك، ولكن سامحنا ـ يا سيدي ـ ان لم نفعل!
سيدي سمو الرئيس:
ان البلاد ليست قائمة على مجلس الامة والحكومة والمماحكات بينهما، ولكن البلاد مجموعة أنشطة وانجازات واستحقاقات وحقوق يتعين على الحكومة تحقيقها، فأين حكومة سموك من كل ذلك؟! ماذا انجزت لنا وحققت من أمور مادية ومعنوية؟! وما خططها لمحاربة الفساد والقضاء على المفسدين في القطاعات كافة وليس في الامور المالية فقط، وبالذات في قطاع الاعلام المتفلت والذي لا يرعى ذمة ولا يملك أدنى درجات الوطنية؟! وماذا عملت حكومتك من أجل الحفاظ على وحدة الشعب وتذويب الفوارق العرقية والطائفية والفئوية؟! وماذا عملت لاجل اعادة وجه الكويت الحضاري الذي كانت عليه البلاد في ستينيات القرن العشرين؟!
أين رعايتها للآداب والفنون والفكر و«الرياضة وما يجري فيها»؟! واين احتضانها للانشطة العلمية والابداعية وتنشيط البحث العلمي وتعزيز حرية المعتقد الديني وتخليص البلاد من هيمنة الفكر المتخلف وسيطرته على القرار في البلاد؟!
أين حرصها على تعزيز الحريات وصيانة حق الفرد في اختيار نمط العيش الذي يناسبه، وهذا ما كفله له الدستور؟!
الجريمة يا سيدي في ازدياد مخيف، وتجار الاقامات ـ وهم أحد أسباب انتشار الجريمة ـ سلاطين يمسكون بمفاصل البلاد دون أن تجرؤ حكومتك حتى على دق أبواب قصورهم أو فتح ملفاتهم، بينما رجال أمن حكومتك وعسكرها وأسودها وأشاوسها، يطاردون فرحة البسطاء ليقضوا عليها فرحين بما غنموا، ولتملأ صور انتصاراتهم الصحف تحمل نبأ النصر العظيم!
مواطن أعزل رقيق العظم واهن الجسد يسحل ويركل وتنهال عليه هراوات رجال الامن تحت السمع والبصر والاضواء الكاشفة!
أخطأ هو؟ نعم أخطأ ولكن متى كان عقاب الخطأ فوريا وينفذ دون حكم ودون محاكمة؟!
جعلت من مواطنيك خصوما لك وقاضيتهم ولم تعف عنهم حين زُجّوا في السجون! لتكون بذلك أول شيخ ـ لا أول رئيس وزراء ـ يفعل ذلك!
ألا ترى في ذلك أنك قد غيرت في طبيعة العلاقة التقليدية الكويتية بين الكويتيين وحكامهم؟!
سيدي سمو الرئيس:
لا أحد في الكويت إلا ويتمنى لك النجاح في ادارة البلاد والاخذ بها الى مصاف التقدم والرقي والسلام الاجتماعي والرفاهية والعدل والمساواة، وليس من أحد يضع لك العراقيل أو ينصب لك الفخاخ، ولا تصدق الوشاة ان أسرّوا لك بذلك.
ألهمك الله يا سيدي الصواب ووفقك.
ولا تنس ـ يا سيدي ـ أن الكويت وطننا نحن أيضا مثلما هي وطنك.
[email protected]