- فبراير الكويت.. هلال يضحك.. هلال يفرح بأغاني الذكريات التي لا نريد لها أن تبرح ذاكرتنا
- كيف خنت الياسمين يـا سيدة الياسمين..؟ ولماذا قذفتبدمع الفراق رقته يا سيدة الياسمين؟
- عمر الإنسان محطات من قلق مشوش..وحزن قاتم وفرح طيار
- اسمح لي بموت مؤقت وبملل أبيعه.. وبكذب أشريه من سوق لا تبيع سواه
حارقة الياسمين
تركت حديقتك..؟
لماذا.. يا سيدة الياسمين..؟
لماذا أحرقت فيها ذاك الياسمين..؟
كيف هانت عليك أوراق الياسمين..؟
ولون الياسمين..
وعطر الياسمين..
يا سيدة الياسمين..
وكيف خنت الياسمين..
يا سيدة الياسمين..؟
لماذا قذفت بدمع الفراق رقة الياسمين..؟
يا سيدة الياسمين..
لماذا لم تصلبي إبليس..
على باب دارك..
حين دق بابك..
يساومك على الياسمين..؟
لماذا لم تظهري عليه..
بطهر الملاك..
وعفة الملاك..
وتحلقي بعيدا عنه..
أما كان لك جناحا ملاك..؟
تشترين إبليس.. وتبيعين الياسمين..؟
يا سيدة الياسمين..
سوف تبكين الياسمين الذي بعته.. بلا دمع..
بلا ثمن..
بلا حزن مكتوب..
يا سيدة الياسمين..
تجردت من جلدك الياسميني..
وحنانك الياسميني..
وبسمتك الياسمينية..
يا سيدة الياسمين..
صرت عارية بعدما كان يكسوك الياسمين..
وبعد تساقط أوراق الياسمين..
غادرك فوح الياسمين..
وانسحب من وجنتيك بياض الياسمين..
وبهاء الياسمين..
حتى صرت كالذئبة تعوين..
يا سيدة الياسمين..
ضاعت منك حديقة الياسمين..
قتلت حارسها الأمين..
مشيت بين الحدائق تجرين جثته الصامتة..
تتشفين بموته الحزين..
تعلنين النصر على جثته ـ ذلك الحارس الأمين ـ
مد لك حبال الصبر..
فقطعت الحبال..
وقفزت من فوق سور الياسمين..
أغلقت حديقة الياسمين..
أحرقت حديقة الياسمين..
بعت لإبليس حديقة الياسمين..
أمّنت إبليس..
وخوّنت الحارس الأمين..
وقتلته ـ ذلك الحارس الأمين ـ
يا سيدة الياسمين..
مات الحارس الأمين..
يا سيدة الياسمين..
فهل من أسف عندك..
على ذلك الحارس الأمين..
هل من دمع في عينيك..
على ذلك الحارس الأمين..
يا من كنت «سيدة الياسمين»..
القلق سيد الحياة
متى تبدأ فرحة الإنسان ومتى تنتهي؟
عمر الإنسان محطات من قلق مشوش وحزن قاتم وفرح طيار..
قد يطول المكث في هذه المحطة.. وقد يقصر في الأخرى.. وقد لا يتوقف في الثالثة..
الساعة الأولى من عمر الإنسان، مثلها مثل آخر ساعة في عمره.. كلتاهما تحتويان القلق والحزن والفرح معا..
يعتقد البعض أنه قادر على أن يصنع فرحه بنفسه.. فيروح يجهز زينة الفرح ويرفع بيارق الفرح ويلون لحظاته بألوان الفرح..
وما هي الا لحظة من زمن عابر حتى يجرف الحزن لحظة الفرح الطيار..
ونفس الإنسان مجبولة على الحالات الثلاث.. الفرح ـ الحزن ـ القلق ـ
القلق حالة طبيعية لدى الجنس البشري.. يشترك فيه الناس جميعا..
الفقير قلِقٌ على يومه وكيف يؤمّن رغيفه.. وقلق على غده..
إنه يعيش حالة قلق متناسل لا يكاد ينقطع..
والغني يعيش القلق أيضا وبصورة أشد من الفقير، فإن كان قلق الفقير محصورا في زاد يومه.. فإن قلق الغني يتجاوز ذلك بكثير.. يطاول أزمنته المقبلة كلها.. ومكثه في محطة القلق أطول زمنا من مكث الفقير فيها..
يكفيه أن يفكر ـ مثلا ـ في كيفية محافظته على ثروته وتنميتها ومخاوفه من ضياعها ومن خصومه.. وخشيته من طبيعة السوق المتوحشة وحروب المال التي تهون عندها حروب المدافع والميادين النارية..
المسؤول الكبير ذو الجاه والسلطان وذو الخدم والحشم.. وذو الأيدي التي تصفق كلما لاح لها من بعيد والألسن التي تدعو له والنفوس التي تتذلل له وتسبغ عليه ما يستحق وما لا يستحق من الصفات خوفا من بطشه أو طمعا في هباته وعطاياه وهداياه هو أيضا يعيش أعلى درجات القلق خوفا من زوال العز والنعيم اللذين يرفل فيهما..
ذو الوظيفة قلق.. وذو التجارة قلق.. والبائع الجوال قلق.. والفلاح قلق.. والعامل قلق..
الأم قلقة.. والأب قلق.. والفتى والفتاة قلقان..
الجميع قلق.. الحر قلق على حريته يخاف أن يفقدها.. والسجين قلق في سجنه ينتظر بقلق ساعة الفرج.. ليعود بعدها يقلق على حريته..
القلق سيد الحياة.. ومستعبد الناس.
استئذان
اسمح لي بموت مؤقت..
وبملل أبيعه..
وبكذب أشتريه من سوق لا تبيع سواه..
وبحروف أكتب بها شهادة فشلي..
وبعيون أرى بها نفسي..
وبقلب يعرف كيف يهزم الحب..
وبهزيمة لا أخجل من إعلانها..
اسمح لي أن أكون سلعة تباع ولا تشترى..
وحديقة جرداء لا يزورها سوى الموتى..
ونهرا جافا..
وأرضا يبابا..
وساعة بلا زمن..
وجرسا أخرس..
وحصانا أعرج..
وأصابع بلا يد..
وخيمة بلا وتد..
اسمح لي أن أكون مطرا بخيلا..
وليلة عمياء..
ونهارا أصم..
اسمح لي أن أكون..كما أنا..
وشكرا..
زمن له وطن
هلال «فبراير» يحلق في الأفق القريب..
إنه «فبرايرنا» نحن..
هلال يضحك.. هلال يفرح..
بأغاني الذكريات التي لا نريد لها أن تبرح ذاكرتنا الكويتية..
إنه «فبراير» الكويت..
شهر في السنة.. هو أقصر شهورها..
شهر يحمل للزمن بشارة الربيع.. وأناشيد الأطيار.. وحنين الزمن للزمن.. وحنين الأرض للأرض..
شهر الزيارات الموسمية لمواطن الفرح.. وللذكرى وللذكريات..
إنه شهر كويتي..
فيه تلبس الكويت ثوب بهائها..
تخلع فيه حزنها..
تستحضر فيه قمرها المسروق.. وتستعيد ليالي مواويلها الغاربة..
تحكي لنا فيه عزها المكتوب من زمن قديم..
من صبر نسجته أيدي الأمل..
ومن عزم حاكته لياليها القديمة..
من حكايا الأمهات في الليالي الجائعة..
من الصخر يغلي في قدور بلا ماء.. ونار يعوزها الحطب.. وصغار ينامون على ذكرى البطون الخاوية.. وأحلام تغشى رؤوسهم النائمة على وسائد من حجر..
من مواويل تشق البحر.. ولا تشكو إليه..
ومن حداء يخيف الصحراء النابتة على حواف الصمت..
ومن نهايات تبدأ قبل بداياتها..
إنه «فبراير» الذي لو لم يكن لأوجدناه..
لاخترعناه.. ولصنعناه نحن بأيدينا التي صنعت من التراب وطنا لا ينكفئ..
لو لم يكتبه الزمن لكتبناه بأقلام سيالة لا تجف..
لو فرت منه الأهلة.. لرسمنا له هلالا أجمل من كل الأهلة.. وأبهى وأبقى..
هلالا نحسه ونمسكه بأيدينا..
هلالا نحن سماؤه..
ونحن ضوؤه الشفيف..
ونحن عيونه الراعية..
هلالا نقدمه للكويت..
نزرعه في سمائها ونحرسه بعيوننا.. وننثر الملح حوله.. خوفا عليه من العيون الحاسدة..
حين غزانا الغازي يئس الذين في قلوبهم مرض.. لأن قلوبهم لم تكن كويتية..
ولكن حزن الذين قلوبهم كويتية..
لأن الذين يئسوا ظنوا أن الكويت وطن قابل للضياع وللالتهام.. وأن الكويت لقمة يزدردها ذوو الأنياب..
ولكن الذين حزنوا.. حزنوا على غياب غير مقدر لوطنهم..
حزنوا على أرضهم التي آلمتها أقدام الغزاة..
على ألم ألمّ بوطنهم..
على غياب وطن ما تعودوا أن يغيب حتى لحظة من نهار..
حزنوا على فراق مؤقت.. وعلى طهر تدنس.. وعلى عفاف شانته عيون الأنجاس..
إن الوطن المكنون في القلوب.. لا خوف عليه..
وطن.. له زمن أبدي لا يشيخ ولا يبلى..
زمن ذو أوتاد..
زمن له وطن..
والكويت وطن الزمن..
فهنيئا لزمن له وطن..
وهنيئا لوطن له.. كل الزمن..
[email protected]