صالح الشايجي
نهرب من الموت الى حياة هي أمرّ منه.
نهرب من القدر المحتوم والمعلوم والأكيد، الى حالة مؤقتة غير دائمة اسمها الحياة.
لماذا نخاف الموت؟ ولماذا نحب الحياة؟!
هل لأننا لسنا نحن ولن نكون نحن الا في الحياة، واذا متنا نغدو أمرا آخر؟! أم ماذا؟!
الغني والميسور وذو الجاه وصاحب السلطة، والفقير والضعيف، والسعيد والتعيس، والقوي، كلهم - أو كلنا - عشاق للحياة ونخاف الموت أو أننا لا نريده، أو نريد تأجيله، مع علمنا وتأكدنا أنه قادم لا محالة في يوم ما في ساعة ما في لحظة ما! إذن لماذا نؤجله ونرجئه ونعقد معه موعدا في الفراغ الزمني غير المعلوم؟!
لماذا الحياة حلوة في عين الجائع والفقير والمريض والمظلوم والمهان والمعذَّب، مثلما هي حلوة في عين الغني والقوي والسليم والمرفّه؟!
العبد يحب الحياة مثلما يحبها سيده، والجلاد يحب الحياة مثلما يحبها المجلود!
ناس يتقاتلون من أجل أن يظفر فريق منهم بالحياة، بينما يسقون الموت للفريق الآخر، وكأنما حياة أحد الفريقين لن تكون إلا بموت الفريق الآخر!
ان كانت الحياة أعطت الغني الغنى فأحبها، فهي أعطت الفقير العوز والحاجة وذل السؤال، فلماذا إذن يحبها مثلما يحبها الغني؟! وكذلك القوي فإن عذره في حب الحياة أنها أعطته القوة والسلطة والمهابة، لذلك هو يحبها، ولكن لماذا يحبها الضعيف أو الكسيح أو المهان والذليل؟!
سر الحياة والتعلق بها، على رغم تناقض أوجهها، أمر غريب.
أما الموت فإن أمره أعجب وأغرب، فهو البديل المخيف عن الحياة، كما نعتقد!
فماذا يكون الموت؟ وما هو سره الذي يجعلنا نفضل شقاء الحياة وعذاباتها عليه؟!