صالح الشايجي
على غرار جملة عادل إمام الشهيرة «بلد شهادات»، فإننا نستطيع أن نطلق على بلادنا العبارة ذاتها محورة الى «بلد غبقات»!
ما ان يهل علينا شهر رمضان، بل وحتى قبل أن يهل وتثبت الرؤية، حتى تسبقه التبريكات والتهاني، على شكل مسجات أو رسائل قصيرة بالهواتف المتنقلة أو اعلانات سخية يبارك فيها عين من أعيان البلد أو خشم من خشومه للبلاد والعباد بقدوم رمضان، وكأنما هناك شك ما بأن «رمضان» «السنة دي مش جاي»! أو كان تائها ووجدوه، لذلك استحق التهنئة بالقدوم المبارك!
وتعددت وسائل التهنئة، فبعد تلك الرسائل القصيرة المزعجة بما تحمل من عبارات تراثية انشائية نقلها «الخلف» عن «السلف» دون أن يتبينوا معناها، هناك اللافتات القماشية أو الخشبية وقريبا ستتحول «حديدية» يبارك فيها «عوير» لـ «زوير» ولسكان المنطقة! «احنا شعلينا»؟! «ما أدري»؟!
ودعنا ودعكم ودعهم ودعهن، من تلك المباركات السمجة، لننتقل الى «مربط الفرس» و«بيت القصيد» وهو تلك «الغبقات»، هذا التقليد الأعمى وغير المبصر! فما هي إلا أيام تنقضي من «الشهر الفضيل» وما نكاد نتعافى ونتشافى من هجمة «التبريكات»، حتى تأتينا أسهم الغبقات الجارحة وربما المميتة!
فلان يدعوكم الى «غبقة» وعلان كذلك، وبما أن «فلان» و«علان» من الاعيان و«الخشوم» في البلاد، فإن «عوير» وأخاه «زوير» وجارهما «المنكسر اللي ما فيه خير» يستنّون سُنة الاعيان و«الخشوم»، فيوجهون الدعوات لـ «الغبقات» ويتقاطر القوم الآكلون الشاربون الى مكمن الغبقة فيغتبقون و«يمشّون إيدهم بالطوفة»، ويقلبون صفحة «غبقة» الليلة ليروا أين هي غبقة «الجابلة»؟ وهكذا دواليك وحواليك تنتقل بقدميك ورجليك من «غبقة» الى «غبقة» حتى ينتهي الشهر الفضيل بعدما شبع العباد من الطعام والزاد، منتظرين عودة الشهر الفضيل والمزيد من التهاني والغبقات!