- لن أزيد وطني كذباً فوق كذب الآخرين
- صغّروك يا وطني وحبسوك.. أبكي بحرقة على الأوطان المحبوسة
- يتبدل الخلق والناس.. والوطن واحد لا يتبدل
- ناس يموتون وناس يولدون.. والوطن لم يمت ولم يولد.. أرضه هي أرضه.. وسماؤه هي سماؤه
- الزعيم الليبي.. اثنان وأربعون «عاراً» ومازال في «العار» وللـ «العار» بقية
كنصف الشمس.. عيني..
وكنصف عيني.. وطني..
بأي وجه ألقاك..يا وطني..
وبأي يد أصافحك..
وبأي لسان أهنئك..
وفي أي عيد..أنت يا وطني!
استقلال..؟
تحرير..؟
!!!!!!!!!!؟
لن أزيدك كذبا فوق كذب الآخرين..
أما كفاك مطر الكذب الموسمي الذي ترعى عشبه في مثل أيامنا هذه..من كل عام..
هل أستعير عيون الكاذبين.. لأراك بها؟
أنا لا أحب أن أرى بعيون الآخرين..
ولا أن أسمع بآذانهم..
ولا أن أحب بقلوبهم..ولا أن أنشد بألسنتهم..
فامنحني يا وطن.. عينا أراك بها..
وأذنا أسمعك بها..
ويدا أرسم بها خارطتك الضائعة..
أنسج حبي على مغزلي وبيدي..
أصنع لقلبي كسوة عيدك..
حتى يلبس قلبي ما نسجته يداي..
صغروك يا وطني..
وحبسوك..
أبكي بحرقة على الأوطان المحبوسة..
من كان في مثل حالك يا وطني..أذرف عليه بعض دمعي..
وعليك أذرف كل دمعي..
أشفق عليك يا وطني وأنا أراك سلوة للصغار..
أرجوحة.. يتأرجحون بها..وأغنية غبية على ألسنتهم..
أو وجوها مذيلة..ذات أذناب شعثاء منكوشة..
وعباءات سوداء مسدلة على أجساد شبه ميتة..وشبه حية.. تتأرجح بين حياة صحيحة وموت مفتعل..
يبدو أن الأوطان خرافات منسوجة.. نحن نسجناها بأخيلتنا المحبة وتصوراتنا المتفائلة..
إن حب الوطن لا يكون حبا قسريا..ولكنه صار كذلك..جعلناه حبا قسريا..من يخرج عن جادته خائن وسافل وجاحد..
من شروط الحب الناجح أن يكون حبا من طرفين لا من طرف واحد..
من يستطيع أن يثبت من الذين «يحبون» أوطانهم أن أوطانهم تبادلهم الحب وتذوب في هواهم مثلما هم يذوبون في هواها ويموتون لأجلها؟
هل سمعتم عن وطن ذاب في حب مواطنيه..أو عن وطن مات في سبيل أهله؟
الناس هم فقط الذين يموتون في سبيل أوطانهم.. اما الأوطان فحية لا تموت..
يتبدل الخلق والناس.. والوطن واحد لا يتبدل..
ناس يموتون وناس يولدون..والوطن لم يمت ولم يولد..
أرضه هي أرضه..وسماؤه هي سماؤه..
حره وبرده..صيفه وشتاؤه..ليله ونهاره..شمسه وقمره..
حتى قوانينه ودستوره باقية لا تتزحزح ولا تتحرك..
لا تتــقدم ولا تتأخر..لا تضيـــف حــــرفا ولا تمحو آخر..
جامدة كالمومياء.. لا تتنفس ولا تتعفن..
لا تقصر ولا تطول..
سحقاً للثبات ولهذا الموات..
إنه الموت عينه.. فما هو الموت.. إن لم يكن جمود الوطن هو الموت؟
صغروك..
سجنوك..
ثم حبسوك..
كم هي مسكينة تلك الأوطان المحبوسة..
التي تخجل من الشمس..
أو تخاف منها..
كم أشفق على الوطن الشبيه بـ «العذراء» المخفّرة المحجوبة عن العيون..
الوطن المرتعش ليلة فرحه ويوم عيده..
اثنان وأربعون «عارا»
اثنان وأربعون «عارا» ومازال في «العار» وللـ «عار» بقية..
اثنان وأربعون «عارا» قضاها «معمر القذافي» في حكم ليبيا.. وفي كل «عار» مليون «عار» يرتسم على وجهه المتهدل الذي غدا كوجه خرتيت تائه..
هو ـ بالأحرى ـ لم يحكمها بل سجنها أو أسرها.. ذلك هو المعنى الأصح والأصدق.. لأن الحكم حكمة ولم يكن في رأس ذلك الرجل من حكمة بقدر ما كان فيه من جنون وطاووسية فارغة وغرور وخبل.. كخبل الممسوسين..
قوّض عرشا كان هادئا ومستقرا..
وبنى لنفسه عروشا من جماجم الليبيين..
ولأبنائه عروشا من عظامهم..
وسقاهم كؤوسا من دمائهم..
جاء ـ وليته لم يجئ ـ والليبيون في راحة.. ناعمو البال.. هادئو الخواطر.. آمنون في بيوتهم..
يكبر صغارهم أمام أعينهم.. ويشبّون دون خشية عليهم مما يكدر الحياة وصفوها.. ولا من ليل داج تجوس ـ بين البيوت ـ شياطينه.. تحملهم من مناماتهم الدافئة لتلقي بهم على أسنّة مدببة مسمومة..
جاء والليبيون يتوسدون ثورة «المختار» ويتنسمون عبير حريتها.. ويتدارسون حروفها ويتمثلون معانيها..
يلتحفون بعباءة سيدهم الشيخ المجاهد «عمر المختار» ويتباركون بعمامته.. ويشمون بقايا رائحته..
أجراس الليل
وفي ليل ما حسبوا أجراسه.. وما أحكموا مزاليجه.. دهاهم غرٌ غريرٌ.. ساطهم.. وكمّ أفواههم.. وساقهم صوب العذاب أرتالا.. ومن أبى سقاه كؤوس الموت مترعة موتا حتى فاضت الأرض الليبية بموتاها.. ومن فرّ بعيدا تعقبه في غربته حتى يغتاله.. ويباهي بدمه..
ومن أشهر من فعل بهم فعلته تلك.. «عبدالحميد البكوش» وكان رئيس وزراء في العهد الملكي الذي انقلب عليه «القذافي».. وكان «البكوش» لاجئا في مصر أثناء عهد الرئيس السادات.. فأرسل «القذافي» اليه فرقة من فرق الموت الكثيرة التي يتحكم فيها.. بغرض اغتياله.
وتمكنت تلك الفرقة من الوصول الى البكوش ونفذت مهمتها وخرجت مزهوة ببقايا الدم على يديها.. وما إن أعلنت مصر خبر اغتيال البكوش.. وخرجت الصحف المصرية تحمل صور «البكوش» جثة هامدة ملقاة على الأرض وملطخة بدمها.. حتى راح القذافي يباهي بجريمته ونجاحه في تعقب بقايا العهد البائد و«سراق ثروة الشعب»!
ولكن الحقيقة لم تكن كذلك أبدا.. وكانت المفاجأة ان «البكوش» لم يمت.. بل ان الأمر كان كمينا وخدعة قامت بها المخابرات المصرية لفضح «القذافي» وكشف دمويته وتعديه على السيادة المصرية، وهذا لا يعني ان القذافي لم يقم بمحاولة اغتيال «البكوش» بل لأن فرقة الموت تلك لم تجهز بالكامل على «البكوش» الذي أصيب بجروح فقط بينما اعتقدت الفرقة انها قد أجهزت عليه وفرت من مسرح الجريمة.
فلما اكتشفت المخابرات المصرية الجريمة أرادت أن تورط المخابرات الليبية فقامت بنشر خبر كاذب عن اغتيال «البكوش» وتصويره مضرجا بدمائه واستعانت لذلك بأصباغ حمراء حتى يبدو الأمر متقنا.. ولكن المخابرات الليبية بلعت الطعم وأعلنت خبر اغتيالها للبكوش، وهو الأمر الذي كانت المخابرات المصرية تخطط له.. فلو أنها أعلنت خبر محاولة الاغتيال وان «البكوش» مازال حيا.. فإن المخابرات الليبية لن تعلن مسؤوليتها عن الحادث، ولكنها ادعت بموته حتى تتيح الفرصة للمخابرات الليبية للاعتراف من باب التباهي والنصر على «أزلام» النظام السابق.
«بلياتشو» المسرح السياسي
ارتمى في أحضان «جمال عبدالناصر» وسرق منه الراية.. واستعار منه لسانه حتى الموت.. ولما مات «الزعيم» الأب.. خلت له ساحة الجنون ليغرد فيها وحيدا..
جمع هلوساته في كتاب وقال هذا هو دستور العالم وهذا هو السراط المستقيم لمن أراد النجاة..
حرّف القرآن.. وألغى التقويم وخط لنفسه تقويما خاصا وأجبر الناس على حفظه والتعامل به..
مثل دور «البلياتشو» السياسي باقتدار كامل.. فكان على هذه الشاكلة تحت الأضواء.. يستدر الضحكات ويحاول جلب التصفيق لنفسه..
وحينما يخلو إلى نفسه تنزل عليه الشياطين الليلية تأخذ منه حصتها من فنون الشر..
نيشان الدم
أنجب ثمانية أبناء.. هم على شاكلته.. طواويس منفوخة بهواء أبيهم..
وتبنى بنتا تاسعة.. قدمها قربانا رخيصا للأميركيين ليتاجر بدمها.. وليجعل من جسدها المشظى نيشانا لبطولته..
تبنى الإرهاب أسلوبا وسياسة ونهجا.. وبدأ بالأقربين من رفاق ثورته الهوجاء.. فكان «عمر المحيشي» الذي فر بجلده أول ضحاياه.. فتعقبه إلى ملجئه المصري مرة واثنتين وثلاثا.. يبغي مصرعه..
ساق موته إلى جهات الأرض الأربع.. وأرسل طيوره إلى قاراتها كلها..
في الفلبين.. له رسل للموت.. وفي ايرلندا ولندن ولبنان ومصر وألمانيا.. وفي البر والبحر والجو.. ومن لم يدركه على الأرض لحقه الى السماء..
شق صفوف الفلسطينيين.. وعبث بقضيتهم وجعلها وجعلهم مزقا وأشتاتا.. واستأجر بعضهم لقتل البعض الآخر..
يمشي في جنازة القاتل.. مثلما مشى قبلها في جنازة المقتول..
وفي كلتا الحالتين هو القاتل المشترك..
هو دافع ثمن الموتين.. وهو الممول للجنازتين..
في كل عار له اسم.. وفي كل خزي له رسم..
وفي كل جريمة..ثمة بصمة له.. وفيها بقايا أصابعه..
وفي كل فضيحة.. له يد تدق طبولها..أو أن له ذيلا يتراقص ويتلوى..
الدفعة الأولى
خلال 5 أيام قضى على 5 آلاف ليبي من بني وطنه بين قتيل ومنتظر للموت.. ثم خرج متدثرا بجلاليب ثقيلة.. ليهدد بأنه لم يستعمل القوة بعد وأنه سيلجأ (مضطرا) إليها..
وصف أجهزة الإعلام بـ «الكلاب»..
ونعت شعبه بـ «الجراثيم» و«الفئران» و«المهلوسين» و«المقملين»..
والنعت هنا وعلى عكس القاعدة اللغوية يتبع الواصف لا الموصوف..
ولعن شعبه لعنا صراحا وبلسانه وعلى رؤوس الأشهاد.. وبفم مريض قال: لعنة الله عليكم..
بينما مجد نفسه.. وقال أنا المجد الباقي.. وأنا مجد ليبيا ومجد أميركا اللاتينية.. وكذلك آسيا وأوروبا وأفريقيا..
قبله لم تكن ليبيا.. وما كان الليبيون..
هكذا قال لشعبه وهو يستعطفه.. فكيف يكون خطابه في غير حالة الاستعطاف إذن؟
ادعى في خطابه المجنون الأخير.. بطولات لأجداده.. وقبل أن تنطبق شفتاه على تلك الفرية الكبيرة.. جاءه التكذيب سريعا.. ليتضح أنه حتى مجده الموروث.. مسروق.. ومحض استجداء في سوق البطولات المتخيلة..
أفقر الأبناء
في اثنين وأربعين عاما جمع اثنين وثمانين مليارا ليكون بذلك أغنى أغنياء أهل الأرض.. بمعدل يصل إلى قرابة مليارين في العام الواحد..
وأقل أبنائه ثروة.. يملك مليارا ومائتي مليون..
الرجل المتعدد الأعراق
تارة هو العربي القح.. يمتطي خيل «بن الوليد» ويحمل سيفه ويوجه جنده إلى القدس فاتحا ومؤذنا في أقصاها..
وتارة هو «هانيبعل» الفينيقي.. حاضن البحر بين كفيه وجاعلا «قرطاجة» تحت قدميه.. وحاملا لـ «أليسار» قلادة عرسها..
وطورا هو الأفريقي الذي فقد سمار بشرته فراح يستردها.. ليسرق من الأفارقة عروش خرافاتهم.. ويصنع خرافته الكبرى كملك ملوك افريقيا..
الخيمة
ادعى سكنى الخيمة.. وهي قصر منيف موطد الأركان.. لا تأكلها الريح إن جاعت أو جنّت..
ونحر الجزور لا ليتصدق بلحمها ولكن ليلوكها حتى يتطبع بطباعها وليرث منها حقدها..
أقصى الرجال خوفا فجعل من النساء سورا يحمي سوءته.. وجواري طوع بنانه..
وكان له فيهن مآرب أخرى..
وقد يجيء مصرعه.. على أيديهن متفرقات أو متجمعات..
باع الوهم للواهمين..
وأفقر المنعمين..
وجوّع الشبعانين..
وسرق الحلم من رؤوس الحالمين..
وكذب.. فكان أكذب الكاذبين..
كانت رئاسته ليالي بلا أعراس..
فحضّروا أيها الليبيون زينة أعراسكم.. فلقد مات حابسها وهو جثة متحركة..
[email protected]