ساعات «القذافي» أو سويعاته وربما هي دقائقه أو ثوانيه، باتت قصيرة وقصيرة جدا ولعلها أقصر من ليل العاشقين، ولكنها عنده وعند الملتفين حوله في خندقه طويلة طويلة، وهذا مصير الظالمين وليشرب من الكأس التي سقاها لغيره طوال اثنين وأربعين عاما.
والقذافي مثل صدام ومثلهما معتمرو العمائم في ايران، قوم ظالمون يستهينون بالارواح الانسانية والكرامة البشرية، منزوعة الرحمة من قلوبهم يبطشون ويسفكون الدماء دون أن تهتز لهم شعرة، ولا يلذ لهم زاد الا في جوف جمجمة مفرّغة.
والقذافي عدو لنا منذ لفظته رحم السياسة العربية عام 1969 ولم يكن حبيبا لنا ولم نكن له أخلة ولا ندمانا، لاننا لم نأكل من أرغفته البائتة ولم تنطل علينا ألاعيبه السياسية المجنونة ولم يطربنا بحديثه القومي ولا الوطني ولا الاممي.
نعرفه جعجاعا وطبلا فارغا برأس أجوف، وهو الآن يعرّض الابرياء من أبناء ليبيا وغيرهم الى الموت اليومي، وفي كل ساعة ـ تمر من عمره الملعون ـ تموت أرواح بريئة.
وما يثير استغرابي ودهشتي هو جمود الشارع الكويتي وصمته ازاء جرائم القذافي ومجازره التي يرتكبها كل يوم بحق أبرياء لا ذنب لهم الا أن أقدارهم ساقتهم لان يكونوا في دائرة موته.
أين من يسمون بـ «الناشطين السياسيين» عندنا والذين يوجد منهم في كل «عاير» كويتي «درزنين ونص» وفي أيام التنزيلات والعطل الرسمية تصبح الفرجة عليهم ببلاش، وربما يضافون الى البطاقة التموينية غير المشفرة!
لماذا لا نسمع لهم صوتا مستنكرا لما يجري في ليبيا؟! ولماذا لم ينظموا مسيرات أو اعتصامات سلمية حضارية ـ أمام السفارة الليبية ـ ضد القذافي وجرائمه؟ معينين ومؤازرين اخوانهم الليبيين ومشاركين ضيوفهم من أبناء الشعب الليبي المقيمين في الكويت؟
انه لأمر مخجل أن تتقدم الحكومة وتدين ما يحدث في ليبيا من جرائم وترسل المساعدات الى الشعب الليبي لتعينه في كارثته الانسانية، ولتسجل بذلك موقفا متقدما على ما يسمى المجتمع المدني ونشطائنا السياسيين الذين يغطون في سبات عميق، بينما أولئك الناشطون المزعومون يجعلون الشوارع أنهرا بشرية اذا ما مس الفلسطينيين هواء اسرائيلي عابر قد يصيب فلسطينيا واحدا بالدوخة، فترتج أجواء الكويت وتزلزل أرضها ويخرج نشطاؤها من جحورهم مالئين الارض ضجيجا.
فهل الفلسطينيون وبالذات «الحماسيون» منهم والذين مازالوا يدعون لصدام حسين بالرحمة في صلواتهم أحق من الليبيين بالمؤازرة والتعضيد؟!
ان الليبيين ليسوا في حاجة لاموالكم ولكنهم في حاجة للمؤازرة المعنوية وللمعاضدة، وهذا ما فعلته المجتمعات الحية التي تؤمن بحق الانسان في الحرية والكرامة.
وانني لأحس بالخجل الشديد من ذلك الموقف المتخاذل وذلك الهزال السياسي عند من أسموا أنفسهم «ناشطين سياسيين».
ان العار يتلبسهم مثلما تلبس زعيمهم الذي أخرس ألسنتهم «معمر القذافي»! فهنيئا لكم عاركم الذي تستحقون!
[email protected]