صالح الشايجي
عاش «في جلباب أبيه» أغلب حياته، ومات في جلبابه هو.
«سالم صباح السالم» كان النسخة الاصدق لأبيه، عفوية، وطيبة، ومباشرة.
لا يتأخر كثيرا حتى يعرفك، ولا يدعك تتأخر كثيرا حتى تعرفه.
شفاف، واضح، صريح، عفوي، قريب لا بعيد، يدنو ولا يجفو، يقترب ولا ينأى.
وتلك من صفات أبيه، أبينا جميعا الراحل الكبير الشيخ صباح السالم، وذلك جلبابه الذي تدثر فيه من بعده ابنه الأكبر «سالم».
صورته الباسمة أو هي صوره الباسمة التي نراها منشورة له، لم تكن تعبّر عن ابتسامة عابرة ومجرد تجمل للصورة، وللّحظة، بل هي مطبوعة على وجهه تعكس ما تخزنه النفس من أسرار البياض الروحي.
لا أكتب أرثيه لأنه «شيخ» و«ابن أمير» و«حفيد أمير» ومن نسل «شيخة» قديمة أكلت الصخر وشربت أجاج البحر وحملت الرماح على تخوم الكويت - تاريخا وجغرافيا - زمانا ومكانا، ولكن لأن الانسان سالم الصباح يليق به الرثاء، حسب ما عرفته فيه من انسانية تكشفت لي من خلال لقاءاتي القليلة به.
حين لمحته آخر مرة قبل سنوات في مدخل احد الفنادق، لذت وهربت من لحظة لقائه ومن معاينته عينا بعين ويدا بيد، لأنني لم أستطع أن أعايش لحظة المرض وسطوته عليه وهو يكاد يمشي متعكزا لا على عكاز فقط، بل على اثنين عن يمينه وشماله يساعدانه في الخطو البطيء جدا.. جدا، فأشفقت عليه من لحظة السلام، وهو في مثل تلك الحالة التي ألجأتني الى البكاء والحسرة على رجل عرفته متعافيا صحيحا سليما، فكان في عافيته على مثل ذلك الخلق الرفيع وتلك الطيبة، فكيف هو وقد أضناه العياء العابث بجسده؟!
كان في ذلك المشهد «الفندقي» يقصد حفل زفاف للمباركة والتهنئة، لم يمنعه عياؤه وسقمه من ممارسة طيبته وعفويته لأنهما أقوى من المرض حتى وإن قتله هذا المرض!