- أقول لـ «الوشيحي محمد» سامحك الله عندما رشحتني لـ «جمعية حقوق الانسان»
- مغارة علي بابا التي خبأ فيها «بن علي» كنوزاً لا تحصى
- حسني مبارك له أخطاء ولكنه ليس مجرم
- أدام الله انسكاب مطر «الراتب الشهري» ووقانا شر مرض المال الزائد
- المال لم يغن «بن علي» و«ليلاه»
- سلطة المال تولد طغياناً.. وكذلك سلطة الدين والقبيلة والطائفة
لم أجرب الغنى قط.. ولا حتى أن يكون عندي مال زائد..
ولم أتمن هذين ـ يوما من أيام عمري الآفل ـ لا الغنى ولا المال الفائض.
وحسب تجاربي الكثيرة ـ وفيما يخص هذا الجانب بالذات ـ فان وجود مال فائض في يدي يجعلني أحس باحساس المريض الذي يشكو من مرض يتعين عليه التداوي منه، وتصيبني حالة غير مستقرة تجعلني أسعى في مناكب الارض لمجرد محاولة التخلص من هذا المرض.. مرض المال الزائد.. ويخامرني احساس وأنا أعيش حالة الفيضان المالي تلك، بأن هذا المال لن ينفد! ولكن ما ان تمر أيام قليلة حتى ينفد ما كنت قد حسبته كنزا لن تأكله النار المستعرة ولا قوات «القذافي» الباحثة عن نصر حتى لو كان من أفواه الزمرة المضللة! لأقعد ـ بعد ذلك ـ ملوما محسورا.. أنتظر المطر الشهري وأقصد به الراتب أدام الله انسكابه وزاد في طله ووابله.
***
ورغم تلك التجارب وعلى كثرتها فانني لم أتعلم ولم أتخلص من حالة الغنى الكاذب هذه، ولم تتعلم يدي لا الحبس ولا القبض، فهي على الدوام مبسوطة كل البسط وأنا ـ مثلها ـ «مبسوط» أيضا حتى نفاد الرصيد وحتى يخبرني جهاز السحب الآلي بجملته الكريهة البغيضة «الرصيد غير كاف» ويخرج لي لسانه ـ الوصل ـ مليئا بالاصفار.
لذلك فأنا أستغرب ـ وبالذات هذه الايام ـ ما أسمعه عن ثروات الرؤساء العرب المخلوعين على التوالي والساقطين من عروشهم، وكذلك ثروات أتباعهم الذين أمطر عليهم رؤساؤهم أموالا تسد عين الشمس..
أول أولئك الرؤساء كان التونسي «بن علي» و«ليلاه» وأهله وأهلها وأنسباءه وأصهاره والتابعين له والمؤيدين والهتيفة.
وآخر ما تم كشفه ـ مما يملكه بن علي ـ هو مايسمى بمغارة «علي بابا» والتي خبأ فيها «بن علي» أو بالاصــــح «علي بابا» كنوزا لا تحصى لم يتسن له ـ لا هو ولا ليلاه ـ أخذها معهما الى ملاذهما وملجئهما، وربما قد نسياها لكثرة ما أخذا ولم يتسع المكان أو تتسع الحقائب لأخذ ما حوته تلك المغارة من كنوز!
ثم يأتي الرئيس المصري حسني مبارك وزوجته وابناه وزوجتاهما وأقاربهما.. والوزراء والمحاسيب والاتباع والحاشية والمرضي عنهم، وكلها ثروات بالمليارات لا بالملايين ولا بمئات الآلاف.. وبغض النظر عن الطرق التي جمعوا بها تلك الثروات ـ وهي على كل الاحوال ـ طرق غير مشروعة، فان المهم عندي وعقــــدتي هي ليست في كيفية جمع هؤلاء لتلك الثروات ولكن المهم عندي كيف تمكنوا من ابقائها في أيديهم حتى تراكمت وصارت بمثل هذه الاحجام المرعبة؟!
ذلك ـ حقيقة ـ ما يشغلني، والامر لا يتعلق ـ فقط ـ بتلك الزمرة بل ان دائرة عجبي من كيفية تجميع الثروة والابقاء عليها تتسع وتتوسع لتشمل جميع جامعي الثروات والمحافظين عليها، سواء الذين جمعوها بطرق مشروعة أو الذين صهروا عظام شعوبهم ليحولوها ثروات تصب في خزائنهم!
وفي رأيي أن تجميع الثروة علم يجب أن يدرس في الجامعات ليكون هناك تخصص تحت مسمى «كيف تُبقي على ثروتك؟».. وأعتـــــقد أنني سأكون أول الدارسين في ذلك التخصص، حفاظــا على «الثروة الشــــهرية» وحتى أتعلم أول دروس «مسك الـــيد»!
وثَمّ سؤال يشاغلني على الدوام وهو ما الذي يفعله أصحاب تلك الثروات المليارية بثرواتهم؟! فهمّ الانسان المترف أن يأكل أكلا طيبا ولذيذا وأن يشرب ويلبس ويتمتع بحياته ويزور البلدان ويسكن الفنادق الفخمة ويركب الدرجة الأولى في الطائرة أو في الباخرة ويستخدم متع الحياة المعقولة، ولا أعتقد أن مثل هذه المتع المشروعة والمعقولة وغيرها أيضا من غير المشروعة والمعقولة تتطلب مثل تلك المليارات بدليل أن بسطاء الناس وممن لم يكتنزوا المليارات ولا حتى الآلاف، يمارسونها وأنا واحد منهم.
***
المال الزائد مرض لو كنتم تعلمون.. فهل أغنى المال الزائد «بن علي» و«ليلاه» عن المصير الذي آلا اليه؟! وهل حماهما من تلك الذلة التي سيعيشانها حتى الموت؟!
وهل حمى «حسني مبارك» من غضبة الشعب؟!
هل منع حنجرة مصري مقهور مكبود منكود عن سبّ «حسني» وتحقيره وتحت نظره وسمعه وهو قابع في قصره على رأس جمهوريته؟!
وما فائدة تلك المليارات وأكداس المال ان لم ترد عن صاحبها غائلة الزمن وشماتة الشامتين وسفاهة السفهاء وجرجرة المحاكم وظلمة السجون؟!
وهاهو القذافي وأبناؤه وأزلامه في الطريق أيضا ليحل بهم ما حل بمن سبقهم.. ثم صاحب اليمن ومالك عرشها منذ ما يزيد على ثلاثين عاما.. وهكذا نجد أن المال ـ ان لم يكن شريفا ـ يصرع صاحبه ويذله ولا يعزه!
أفلا تتعظون أيها السادة الاغنياء؟!
***
سامحك الله يا «محمد الوشيحي» أو على رأي أصالة مطربة المحاكم والقضايا والخناقات الملعلعة «الله لا يسامحك» والتي قالتها لصابر الرباعي بعد أن عجزت عن أن تلحقه في عالم الطرب وبعدما حلّق بعيدا وفي آفاق عجزت هي عن أن تدنو منها أو تصيب تخومها، فما كان منها الا أن قالت له «الله يسامحك» ثم أردفتها بجملتها التي طارت مثلا «أو بالاحرى الله لا يسامحك».
وان كانت أصالة قالت جملتها تلك من باب الشماتة والحسد والغيظ، فأنا أقولها للـ «وشيحي محمد» من باب الثناء والشكر وحسن الظن الذي ظنه بي ولم يكن في محله ولست أنا «أهلا» له ولا حتى «جارا».
فلقد تفضل «الوشيحي» وحشرني في زمرة من الفضلاء وأهل الخير والفاعلين والنشطاء، وذلك حين وضع اسمي ضمن الذين رشحهم أعضاء لجمعية حقوق الانسان!
وليسمح لي «الوشيحي» بأن أضع مرآة أمام وجهي وأضحك ملء شدقيّ وحتى تبين نواجذي، وأستلقي على ظهري ـ كما تقول العرب ـ!
أنا عضو في جمعية حقوق الانسان؟!
يا له من أمر مضحك.. مضحك لي أنا على الاقل..
انه عرض خاص.. أنا فيه الممثل والمشاهد الوحيد..
وان كان من شكر يستحقه «الوشيحي» فهو لانه أضحكني على نفسي..
و«الوشيحي» ـ حماه الله ـ يعلم أنني سددت الابواب كلها وقطعت كل أمل في هذه البلاد التي لا أرى ما يجري فيها الا أنه مسرحية سخيفة ومملة وباهتة وكريهة، وليس عندي من ذرة واحدة في صلاح الأحوال حتى بعد جيل حفيدي العاشر أو حتى «صالح الثاني عشر».
ثم وأيضا وكذلك.. فليس هذا هو السبب الوحيد الذي يقطع ما بيني وبين عضوية هذه الجمعية أو أي جمعية أخرى.. فأنا يا سيدي معدوم المواهب وخائر العزم و«عزومي ليست قوية» وأعتذر من صاحب الأغنية الذي ظن بي خيرا وشملني من ضمن الكويتيين ذوي «العزوم القوية» في أغنيته التي قال فيها «أنا كويتي أنا وعزومي قوية» وأرجو أن يستثنيني من ذلك الظن الحسن!
آخر شيء أصلح له هو الخدمة العامة لا لشيء سوى لأنني عاجز بالأساس عن خدمة ذاتي، فكيف وهذي يا سيدي حالي تريدني خادما شرعيا لحقوق الإنسان وأنا المسلوب الحقوق كلها ولا أملك من حقوق الإنسان إلا حق الأكل واللبس.. ولا أستطيع أن أضيف «الشرب» معهما حتى لا أكون كاذبا ذا بهتان!
ويا محمد إذا سمح قانون بلادنا «الديموقراطية» بتشكيل جمعية لـ «الوناسة» فأرجوك رشحني لها..أما حقوق الإنسان فذلك «حامض على بوزي» وحقل لا أرعى فيه ولا يطوله «بوزي» ولم أمر عليه قط حتى مرورا عابرا.. وبيني وبينه ما بين «القذافي» والرشاد..
وعلى ذكر «الرشاد».. يقول الشاعر الشيخ «صقر القاسمي»..
شاغلتني عن الهدى فضلالي و«رشادي» جميع ذا في يديها.
وهذا البيت الشعري أعلم أنني حشرته حشرا..لأنني معجب به وقد يعجب من يقرأه مثلما أعجبني.
***
طغاة ضد طغاة
الطغاة أنواع وأصناف ومراتب..تعلو وتدنو.. وليس الطغاة كلهم حكاما..ولكن كل ذي سلطة ـ صغرت أو كبرت ـ هو مشروع طاغية.. ويحمل في داخله خميرة الطغيان وقد تكون مؤثرة وفاعلة عند أحدهم بينما هي خامدة عند البعض الآخر.
فقد يكون الزوج طاغية أو الزوجة أو المدير أو الموظف الذي يتحكم بمصائر الناس أو.. أو.. أو.. إلخ..
سلطة المال أيضا تولّد طغيانا.. وسلطة الدين كذلك.. والقبيلة والطائفة وما شابه.. كل تلك ركائز للطغيان والتسلط..
والأمر المزعج أو البشع والمرفوض أن يشارك طاغية من الطغاة الناس في رفضهم وكرههم لطاغية من الطغاة وكأنه بذلك يحاول تبرئة نفسه من الطغيان ويظهر للناس وكأنه في صفهم وضد ذلك الطاغية «الجمل الذي تكاثرت سكاكينه» وسبح في دمه لكثرة القذائف عليه بعد سقوطه.
نلاحظ في هذا الخصوص أنه وبعد سقوط الرئيس المصري «حسني مبارك» تكاثر عليه الطغاة من كل حدب وصوب يسبونه ويعايرونه بطغيانه وتجبره وتسلطه وظلمه وديكتاتوريته. وكان من هؤلاء «يوسف القرضاوي» الشيخ المعمم والذي لو كان في الأرض عدل لكان هو الأولى بمصير «مبارك».. فما أشاعه من ضلال يجعله في مرتبة كبار الطغاة ومستحقا لما آلوا إليه من مصير.. ولو كشف عن حجم ثرواته لربما نافست في فلكيتها ثروات «بن علي» و«مبارك» و«القذافي» مجتمعة ولعل قصته مع زوجته الشابة تفصح عن جانب بسيط من جوانب طغيانه.. ولكنها غيبة العقول هي التي تجعل من «القرضاوي» ومن ماثله في الضلال والتضليل.. رجلا تقيا وصالحا وعدوا للطغاة!
***
رئيس «مالوش عازة»
والأدهى من «القرضاوي» والأضل سبيلا منه هو رئيس «نصف السودان» أو «حاكم الخرطوم وضواحيها» والذي تطارده العدالة الدولية لما ارتكبه من جرائم الحرب والقتل المنظم الذي أزهق معه مئات الآلاف من الأرواح السودانية البريئة.. والذي اغتصب السلطة وقبع على عرشها منذ أكثر من عقدين من الزمان ومازال يقتّل الناس تقتيلا وحشيا بربريا.. وآخر من سمعت من ضحاياه فتاة سودانية تعرضت للاعتقال والضرب والتعذيب على أيدي جلاوزته والتي لم يطلقوها الا بعد أن تناوبوا على اغتصابها بصورة وحشية لم استطع إتمام سماعها وهي ترويها لمحطة الـ «بي بي سي» العربية. وكل تلك الوحشية سببها أن هذه الفتاة ناشطة سياسية ولكنها لا تغرّد في سرب «حاكم الخرطوم».
***
ناكر الجميل
«حسني مبارك» له ولعهده أخطاء سياسية وفساد وخراب ذمم وتفرد بالسلطة، وما إلى ذلك من أخطاء باتت معروفة.. ولكنه لم يكن مجرما ولم يبطش ولم يستلذ بدماء شعبه وفضلا عن هذا فهو عمّر في بلاده وبنى وتبنّى قضايا سياسية عربية وقامت بلاده في عهده بوساطات بين بعض الدول العربية المتنازعة وكان للسودان النصيب الأكبر من تلك الوساطات والتي استفاد منها «حاكم الخرطوم» نفسه!
وإن كان يحق للبعض ممن لم تتلطخ أيديهم بدماء شعوبهم حق انتقاد الرئيس المصري السابق وحتى الشماتة به.. فإن هذا الحق يتوقف عند حاكم الخرطوم أو يتجاوزه ويسقط أحقيته في تلك الشماتة البائسة التي يحاول الاختباء خلفها للتنصل من جرائمه الكثيرة.. ولو أن العالم كله كان له حق في تلك الشماتة.. فإن هذا الحاكم بالذات ساقط الحق وغير أهل لذلك..
وكم نحن في شوق لنرى مصيره كمصير «القذافي» الذي لن يترك «الجرذان» منه قلامة ظفر ولا حتى شعرة واحدة تبقى بعد موته مقطعا بأسنان «الجرذان» الفولاذية!
***
قوافل الشامتين
وثمة آخرون اصطفوا خطأ في صورة الشامتين والتحقوا بقافلتهم.. وأعني بعض الرعاع العربان والقطعان الممأمئة في الشوارع العربية..إن في الأردن أو في بيروت أو في الأراضي الفلسطينية والذين هللوا لسقوط مبارك وتبادلوا أنخاب النصر وكأنهم هم من صنع الثورة أو أوقد شموعها.. فمثل هؤلاء الأوباش لا يحق لهم الانتشاء بسقوط مبارك والذي كانت سياسته ترتكز على الشؤون المصرية الداخلية ولم يطرح نفسه زعيما للعرب حتى يفرح بسقوطه أولئك الرعاع وملوّثو الشوارع والبائسون.. وإن أول ما يجردهم من حق الفرحة والشماتة بمبارك هو انتصارهم للمجرم الأكبر صدام حسين!
فكيف يفرح لسقوط مبارك من يحزن لنفوق صدام حسين قبل أن تصل قدماه إلى مقصلة الحق.. ويعتبره شهيدا.. وهو الآثم الأكبر.. والمجرم الأحقر..
***
الكلمات اللوامة
وأنا بهذا الرأي المشحون بالكلمات اللوامة لا أدافع عن حسني مبارك.. والذي اتسقت مع نفسي فيما كتبته عنه بعد سقوطه منتصرا للثوار ومباركا ثورتهم ولكنما أحرص على تبيان الحق وتجريد المجرمين من أفراحهم الكاذبة.. وليكون للفضيلة احترامها.. وللحقيقة إجلالها..
وللخاسئين المذكورين أعلاه خسؤهم وخستهم يُذلان أعناقهم ويلطخان جباههم أبد دهورهم السوداء.. ويلحقانهم حتى بعد موتهم الذليل.
[email protected]