صالح الشايجي
بين «الملك فاروق» و«حماده عزو» ثمة فضاء صاخب مليء بالكثير والأكثر.. مسلسلات وبرامج ونقاشات وصراخات وزعيق وتحليلات محرّمة، وكلام معجون بكلام ماسخ وعبارات تأخذك الى حيث لا تريد أن تسمع!
«الملك فاروق» شخصية من لحم ودم، ملء السمع والبصر، ملك ابن ملوك وسلاطين ورث عرشا هو الأكبر والأهم والأضخم.
«حماده عزو» شخصية صاغها خيال مؤلف شاطر، استطاع ان يخلق شخوصا ويحركهم، أكبرهم «حماده عزو» الابن الوحيد لامرأة أغدقت عليه العطف والحب لدرجة الدلال والمبالغة به حتى بلغ من العمر عتيا!
طيّب وحبّوب ومرح ولكنه اتكالي فما زرعت فيه أمه طرّى عوده ورقّق حواسه، وفي كل مشكلة في حياته يستدعي أمه للحل أو التخليص.
أما «نازلي» أم فاروق الملك وهي شخصية حقيقية، لا وهمية كأم «حماده عزو»، فهي امرأة شرسة لعوب، ظلمها الزوج فانتقمت من صنف الرجال ومن زوجها ومن نفسها وحتى من ابنها الملك!
علاقة شائكة بين أم ملكة وابنها الملك، أدت الى انهيار المملكة وتهاوي العرش، ثم الى نهايات مأساوية فردية للعائلة.
دراما الحياة لا تجامل البشر، لذلك قامت الدراما الخيالية بعملية تعويض لتنهي قصص أصحابها نهايات سعيدة أو شبه سعيدة، فكما رأينا في «حماده عزو» كادت تنتهي القصة بمأساة إنسانية حين تسبب الولد «حماده» في وفاة أمه وموتها قهرا من فعل فعله، ولكن الخيال الإنساني والعاطفي لدى المؤلف أو المخترع لتلك الأحداث والشخصيات لم يرض ان ينهي شخوصه وقصته بمأساة، فمادام الأمر متخيلا فليكن الخيال جميلا - على الأقل - مادام الواقع على تلك الشاكلة المأساوية، فعاد ليصلح ما أفسده الخيال، ليصلح حال «حماده» وأسرته وليتحول «حماده» الى عنصر فاعل، بعدما انقطع عنه الإمداد العاطفي الأمومي، وكأنه يقول ان الأم الحانية والمدللة لابنها قد تكون مثل الأم الشرسة اللاهية اللعوب، فكلتاهما قد تتسببان في فساد الابن وضياع مملكته!
«نازلي» الحقيقية أم الملك الشرسة اللعوب، تعادلها تلك المرأة الطيبة المحبة لابنها «ماما نونا»، الاثنتان تساويتا في دمار ابنيهما «الملك فاروق» و«حماده عزو»!