صالح الشايجي
في نظرة واقعية أو علمية بعيدة عن المجاملة أو النفخ في الذات، نستطيع ان نقول ان بلادنا حديثة النشأة على رغم كونها أقدم كيان سياسي وجغرافي في المنطقة.
هذه الجِدة وهذه الحداثة تفتحان امامنا سبلا عديدة، لا قليلة، للتأمل والتبصر والاستفادة من الخبرات العالمية المتراكمة في تنشئة البلدان وتكوين المجتمعات.
والكيان السياسي والمجتمعي للكويت يواجه اليوم تحديا صارخا وتيارا جارفا بقصد جرفه والإخلال به وتقويضه، ونقصد به التيار الديني السياسي الذي يعمل وفق أجندة بعضها واضح وجلي وبعض منها خفي ويعلن عنه في حينه أو حين يتطلب الظرف ذلك.
إن ما نواجهه اليوم واجهته، ومازالت تواجهه، البلدان الأخرى جميعا، وبأي ديانة دانت، وليس بالإسلام فقط، فمعروف للجميع ان المجتمعات كلها تحتوي على تيارات أصولية، هي التي نسميها رجعية، ولقد سمحت المجتمعات والدول لهذه التيارات بالبروز والظهور والتعبير عن آرائها كيفما شاءت، ولكن في حدود التعبير فقط دون أن ترضخ لأجندتها وتسير في ركابها منفذة لأجندتها الهدامة، وتستسلم لأهوائها غير الواقعية! هذا في العموم، أما إذا قصرنا الحديث أو التشخيص على الدول التي تدين بالإسلام، فإننا نجد ان كثيرا من تلك البلدان كانت منبعا ومرتعا للفكر الديني السياسي، ونشأت فيها تيارات قوية اكتسحت الشارع وحلّت في كل بيت في كل قرية ونجع وهجر، ورغم ذلك فإن تلك الدول لم تستسلم ولم ترفع راية الاستسلام لتلك التيارات، ومضت في سبيل بناء بلدانها رغم قوة تلك التيارات وتأثيرها في الشارع ووجودها في كل محفل اقتصادي او سياسي او ثقافي.
نجد ذلك في مصر وفي الاردن وفي الاراضي الفلسطينية وفي سورية ولبنان - حديثا - والعراق الجديد ايضا والذي يدفع يوميا مئات الأرواح في سبيل تحديث الدولة وتركيز أسس الدولة المدنية.
الكويت وحدها فقط التي تتحقق فيها الاستجابة السريعة والمبالغ بها جدا جدا لمطالب التيار الديني السياسي، والخضوع المذل لأجندته المليئة بالأشواك والأهوال والدمار، فمتى تتدارك حكومتنا هذا الخطر المروّع، ومتى تدرك انها تقودنا الى طريق الهاوية، وانها تأخذ بلادنا الى مستنقع النار والدمار؟! لماذا لا تتعظ بغيرها؟ ولماذا تعتقد حكومتنا انها اكثر دهاء وشطارة وذكاء من تلك الدول والمجتمعات العريقة؟!
كلام ضائع، ولكنه لمجرد تبرئة الذات وللتذكير، فلعل ثمة مؤمنين تنفعهم الذكرى!