صالح الشايجي
لست بصدد تقييم التعديل الوزاري بما فيه من تدوير أثار بعضا أو كثيرا من التحفظات عند الجهات القناصة التي كانت تضع أيديها على الزناد استعدادا لإطلاق رصاصات «الرحمة» أو التشفي واسالة عرق الخجل واحتقان دماء الندم، في جباه بعض الوزراء الذين أعد القناصة العدة لاصطيادهم.
لست في هذا الصدد ولا أحوم حوله، لأن القضية برأيي - وهو على كل تصور آراء فئات اجتماعية كثيرة - أكبر بكثير من قضية تدوير الوزراء المستهدفين أو تعيين وزراء جدد، وتسكين وزارات كانت خالية من الوزراء، القضية هي تشبث «الأزمة» بواقعنا السياسي الذي لا تريد منه فكاكا بل نراها تزداد به التصاقا، ولعل هذا التعديل الاخير، خير شاهد على ذلك بما أثار من حفيظة النواب الذين شحذوا سكاكين الاستجواب فجاء هذا التعديل لسحب تلك السكاكين منهم، ورشّ عليهم ماء لم يكن باردا، بل كان شديد السخونة عليهم.
من أزمة الى أزمة والمشكلة ان «الداء يكمن في الدواء» وكلما جئنا نداوي ازداد الجسد الجريح عللا ومصائب وسقما، ونحن أو اصحاب القرار ما زالوا مصرين على ان العلاج يكمن في المسكّنات والمهدّئات و«التشاطر السياسي» بينما العلاج يكمن في البتر والاستئصال، وبكل صراحة قد يعتبرها البعض «وقاحة» فإن الاستئصال المطلوب هو استئصال قوائم الوضع السياسي كلها واستبدالها بقوائم جديدة شديدة الصلابة، تضمن بقاء البناء قويا لا تهدده الهزات السياسية الخفيفة منها والشديدة.
ما أستطيع أن أختم به ان ازمة سياسية جديدة قد ولّدها هذا التعديل: ان الجبل لا يلد فأرا، بل بركانا!