صالح الشايجي
ان بروز خلاف الرئاستين التشريعية والتنفيذية على السطح، مؤشر صحة سياسية ومظهر من مظاهر اكتمال المشهد السياسي، وليس كما يتصور البعض علّة وسقما وحالة شاذة.
ان القاعدة في العمل السياسي هي الاختلاف لا الاتفاق، لكن الاختلاف المطلوب او الذي يشكل أُسّ القاعدة، هو الاختلاف حول المنهج السياسي لا الاختلاف الشخصي الذي يحاول احد الطرفين من خلاله تحقيق مكاسب شخصية، كما يحدث في لبنان حيث نجد ان رأس السلطة التشريعية هناك يغرد خارج سرب المصلحة الوطنية، ويتبع اجندة سياسية بعيدة كل البعد عن مصلحة لبنان الوطنية.
لقد تعودنا ان تكون خلافات او اختلافات الرؤوس الكبيرة مواربة او وراء ابواب مغلقة، اما امام الكاميرات وتحت الاضواء فإن الاتفاق سيد الساحة التلفزيونية والخطة الاعلامية، رغم ما في النفوس من تشاحن وربما تباغض، وهذا يؤدي الى تكريس حالة الاختلاف وينتج عنه التباعد والتنائي وبالتالي ترتيب المصالح والكيد للآخر تحت اجنحة التشفّي السياسي الذي تدفع البلاد كلها ثمنه.
ومع كامل ترحيبنا بالعلنية في الاختلاف، فإننا نعتقد ان منطلق الرئيس الخرافي فيه، من حيث وضع اللوم على رئيس الحكومة في جزئية عدم مشاورته او حتى الاستئناس برأيه في التعديل والتدوير الحكومي الاخير، هو منطلق غير موفق، وربما فيه دعوة لتداخل الاختصاصات بين السلطتين، كما اننا نميل الى تفعيل الدستور تفعيلا حقيقيا بوقف تدخلات سلطة ما باختصاصات سلطة اخرى، وهذا ما لن يتم لو حدث ذلك التشاور الذي طلبه الرئيس الخرافي، وتنصُّل الرئيس الخرافي من التدوير الاخير لم يكن مطلوبا لأن احدا لم يتهمه به، او لا يحق لاحد حسب المنطوق الدستوري ان يتهمه به، ولا يعتبر كلامنا هذا دفاعا عن لعبة التدوير الاخيرة، لأنه اعجز اقدر المحامين عن الدفاع عنه.