صالح الشايجي
من العبث الزج بـ «الصحافة» في السوق العام، وقد اكتفى مَنْ زجّ بها بتزويقها وتلوينها وتزيينها وتعطيرها من اجل ترويجها بين عيون النظارة.
الصحافة ليست بغيا، ولا تروَّج في سوق البغاء حتى يُكتفى بزينتها وحليتها لتنجح!
اكتفت «مصر» طوال سنوات الناصرية وما تلاها بصحف يومية اربع: الاهرام، الاخبار، الجمهورية والمساء، والأخيرتان هما من نتاج «الناصرية»، ولم تضيفا شيئا لعالم الصحافة المصرية العريقة، ولم تستطيعا مزاحمة سابقتيهما «الاهرام» و«الاخبار» واللتين امتدت يد «الناصرية» لتأميمهما وجعلهما ضمن «الخاصة الناصرية»!
في عهد قريب جدا، أُطلق سراح الصحافة في مصر فهملت الصحف وأمطرت سحائب الصحف الجديدة وعبّأت فراغات وملأت مساحات كانت فارغة. بقيت «الأهرام» و«الأخبار» في موقع الصدارة بين ايدي القراء، ولهما الحظوة الاولى، ولكن الصحافة الجديدة التي صدرت لم يكن في اذهان من أطلقوها ترسُّم خطى «الاهرام» و«الاخبار»، حتى يسيّروا عليهما صحفهم الوليدة، بل اختطوا خطا جديدا وتنفّسوا نفسا صحافيا جديدا، فعبأوا مساحة كانت فارغة، وطرقوا ابواب الصحافة من حيث يجب ان تُطرق ودخلوا عالمها من ابوابها الواسعة والمتنوعة، فاستطاعت تلك الصحافة الوليدة ان تضيف شيئا جديدا في عالم الصحافة المصرية، وان تكمل المسيرة الصحافية المصرية العريقة والتي كان ينقصها على مدى السنوات الناصرية الصوت الآخر والرأي الآخر، الذي لم تكن الناصرية تسمح به، على اعتبار ان كل الطرق يجب ان تؤدي الى مقام «الزعيم» وتخليده في ذاكرة الاجيال وزرعه في الاذهان، بحيث لا يمكن اقتلاعه.
الصحافة طرق متعددة ودروب وعرة، ومن استسهل ركوبها، يكون كمن اكتفى بالتزويق والتزيين، وكأنما قد قارب بين «الصحافة» و«البغاء».