صالح الشايجي
العيش في ظل نظام ديكتاتوري، خير من العيش في ظل الفوضى.
الفوضى مدمرة لكل شيء، هدم على الدوام، ولا شيء يبقى ولا شيء يعمر ولا شيء يبنى.
حيث الفوضى لا يوجد بناء ولا نماء
ولا تنمية، الكل يدفع الثمن، الحكومة والبرلمان والمؤسسات والناس. لا أحد يأخذ حقه، تضيع الحقوق وتنقلب الحقائق الى عكسها، المظلوم يصبح ظالما، والظالم في ظل الفوضى هو المظلوم.
في ظل الفوضى يزداد الصراخ ويكثر التشنج، ويتصدر الناس أدناهم شأنا، وينعزل أهل القدر والقدرة، الكل في زمن الفوضى يخسر، حتى من ظن أن زمن الفوضى هو فرصته الذهبية ليكسب ويغتني ويتصدر ويقود الأمور الى حيث تهوي عند اهوائه ومطامعه! حتى هذا يخسر لأن مثله من الانتهازيين سيكيدون له ويهدمون ما بنى ويبقرون بطنه لإخراج ما حشاه به من أموال الآخرين ومما لا يستحقه.
إذا كانت الديكتاتورية تنتقص من حقوق الناس، فإنها تعطيهم شيئا من حقوقهم - على الاقل - أما الفوضى فإنها لا تعطي أحدا ذرة من حقوقه، وإن كانت الديكتاتورية تضيء مساحة وتعتم مساحات، فإن الكل في ظل الفوضى أعمى ويعيش في ظلام دامس! قد يتأخر البناء في ظل الديكتاتورية، ولكن له قوائم قد يقوم عليها بعد سنين، أما الفوضى فلا تسمح ببناء ولا حتى بقوائم قد يقوم عليها بناء!
ونحن في وقتنا الحاضر نعيش مع الاسف زمن الفوضى، أو ما يشبهه، فالحقوق ضائعة، والأذيال والأذناب و«العصاعص» هم الذين صاروا ذوي الكلمة المسموعة، وهم الذين يفطر الخلق على صورهم، ويتغدون بتصريحاتهم.
حاصرتنا الفوضى من كل جانب، الشارع فوضوي، وادارات العمل، والمرافق والمجالس! الحكومة تعيش فوضى وتحاول أن تقننها، ومجلس الأمة عبارة عن فوضى كبيرة لا تبقي ولا تذر، استولى على السلطات كلها، فصار هو «الخصم والحكم»!