صالح الشايجي
لابد للوريث أن يكون ذا صلة بالمورِّث، هي صلة رحم ودم، وذلك أمر حددته الشرائع والقوانين الوضعية أيضا.
ولم يحدث قط أن ورث أحد ما دون أن تكون له صلة بالمورِّث، إلا ان كانت وصية أو هبة يهبها حي لمن يتوسم فيه ما يتوسم، ما استحق معه هذه الهبة.
تلك قاعدة شرعية لا ينتقص او يعتدي عليها أحد، او يحاول أن يغير في أسسها.
والكويت البلد القديم بنــاها أهلها ومات الكثيرون منها فداء لبقائها لا كحدود جغرافية فقط، بل كنمط ثقافي وسلوكيات اجتــماعية وطـرق تعايش ومعيـشة، وبنيـت الكويت وبقيـت على اساس من البناء السياسي والثـقافي الذي يهيئ لدولة معاصرة تتخذ من الحديث سلما للارتقاء وللاستفادة.
الملاحظ هنا ان ما يسمى بـ «الفكر الديني»، ولا نقول الدين كعقيدة، لم يكن مساهما في بناء الكويت القديمة، ولم يكن لبنة في سورها التاريخي والجغرافي الممتد لأكثر من ثلاثمائة عام، بل ان العكس هو الصحيح حيث حاربت الكويت والكويتيون «الإخوان» حملة الفكر الديني والمتحجرين والمنغلقين الذين كانوا يرون في الكويت «دار كفر» وخلاعة ومجون، لذلك حاربوها وحاولوا احتلالها لتطهيرها من تلك «الموبقات» وانتصر الكويتيون وبقيت الكويت.
نأتي بعد هذه المقدمة لنقفز الى النتيجة فنقول باستنكار شديد وبغيرة على الوطن وأهله، انه لا يحق مطلقا، بل هو محرم، ان يرث «الفكر الديني» وأهله الكويت، دون ان يكونوا ذوي صلة ورحم بها.
انني أنبه لمثل هذا الأمر وما يحمل من خطورة، ونحن نرى الفكر الديني هو المسيطر وهو الذي انتزع ارثا محرما عليه، حيث ان القرار ينتج في بلادنا عن فكر ديني، متناسين أحقية الفكر الآخر الذي بنى وضحّى وعمّر ومخر عباب البحر وأوصل راية الكويت الى الأقاصي، ولابد من تعديل الوضع الشاذ والمحرم واستعادة ذلك الارث الغني الذي استولى عليه «الفكر الديني».