صالح الشايجي
يبدو أن «التحالف الوطني الديموقراطي» يسير وسط ظلام دامس، أو انه ينام في «البراد» على الدمقس والحرير، فلا يرى وهو في سيره أو في منامه ما يفزعه ويكدّر عليه صفوه إلا ما حاق
بـ «نورية الصبيح» من ترفيع عاجل الى «منصة الاستجواب»!
ذلك ما أيقظ «التحالف» من نومة «البراد» وما أشعل مصابيح «أديسون» كلها فجأة، فصار يرى ويسمع ويتكلم!
«التحالف الوطني الديموقراطي»، وله في مجلس الأمة ثلاثة ممثلين احترمهم واحترم أيضا التحالف كخط سياسي، أجده الأقرب لنفسي، رغم زهدي وعدم إيماني بكل تلك الخطوط المشكِّلة لحياتنا السياسية في بلادنا البائسة اليائسة، أراه وقد نام عن كل عيب يشوب واقعنا السياسي، وكأنه يتمثل بيت الشعر القائل:
وعين الرضا عن كل عيب كليلة
ولكن عين السخط تبدي المساويا
فكل ما في البلاد بعين «الرضا» جميل وناعم ووردي، أما استجواب «نورية الصبيح» فإنه قد فتح عين «السخط التحالفية» لترى الأمور سيئة ورديئة وداهية دهياء سوداء تجلب المصائب والكوارث على البلاد والعباد، لذلك بادر التحالف بعقد الندوات تلو الندوات يستحلب ضروع الصمت كي تنطق وتحتج وتنتفض وتهدر حليبا كامل الدسم، لأن «نورية الصبيح» ستُستجوب
يا «رجّالة»!
استجواب «نورية الصيبح» جريمة لا تغتفر، أما ما تعاني منه البلاد والديموقراطية والحريات فيها، فهي «مسألة فيها نظر»! هكذا يرى التحالف الوطني الديموقراطي الأمور، في ضياع واضح للأولويات، وتقديم البسيط على الصعب، والسهل على الشائك!
كان المفترض ان يهتز «التحالف» على تلك الممارسات غير الدستورية وغير الديموقراطية التي شرعها وحللها مجلس الأمة، من تقييد للحريات وفرض نظام الوصاية والتدخل في شؤون الناس واخضاعهم لأفكاره السلطوية المستبدة المستعبدة.
إن تدخل مجلس الأمة في مناهج التعليم وفي منع الاختلاط في الجامعة وبتحريمه إقامة الحفلات الغنائية ومنع الاحتفالات برأس السنة الميلادية وتجاوزه على الجامعات والمدارس الخاصة، و.. و.. وسلسلة طويلة من الانتهاكات والاعتداء على حريات البشر وخرق مواد الدستور، هي الأولى بتحريك التحالف الوطني الديموقراطي وإعلان رفضه لها، وهي ما كان يجب أن يحرك مساعيه الخيّرة لردم الندوب والحفر والأخاديد في الواقع السياسي للبلاد، لا أن ينتفض هذه الانتفاضة ويغضب هذه الغضبة «المضريّة» لمجرد استجواب وزير!
وإن كان كلامي كله في هذه المقالة لا يعني وقوفي ضد الوزيرة التي أتمنى ان تتجاوز مقصلة الاستجواب لتعلق عليها الرقاب التي تستحق أن تعلق عليها، ولكنني دعوت فقط الى الانسجام ومراعاة الأولويات في العمل السياسي والوطني!