صالح الشايجي
ما كان محل مدح وثناء على الوزيرة «نورية الصبيح» من قبل مؤيديها من النواب المدافعين عنها في جلسة استجوابها، وتلك الزفة لحملة الصاجات والدفوف خارج المجلس، جاءا من باب «وكل ما يفعل المليح مليح»! أو كما قال المتنبي:
ووضع الندى في موضع السيف بالعلا
مضرّ كوضع السيف في موضع الندى
لا أخفي إعجابي بقدرة «الصبيح» على الرد والمقارعة والمنازلة، فلقد رفعت رؤوسا أذلها الزمن الكسيح، وملكت زمام القول الفصيح بشجاعة وبسالة وإقدام لا إحجام بعده!
أقول هذا وضميري مستريح وهمتي عالية وقلبي يرقص، ولكنه رقص «الطير مذبوحا من الألم»!
لقد أثنى النواب المؤيدون للوزيرة على تجاوبها وتلبيتها للطلبات النيابية، بغلق حمام السباحة، ومنع حفلة للمدرسة الفرنسية، وما الى ذلك من تدخلات في الخصوصيات، وكأنما الوزيرة قد أحرزت - ومن خلال سياسة المنع والتسلط - «ذهبية التلبية»، لذلك فقد استحقت ذلك الثناء!
أنا - شخصيا - أقف من جلسة الاستجواب التاريخية تلك موقفين متناقضين، امتدح الوزيرة على تميزها بصناعة الكلام وعلم المنطق والقدرة على الرد ببيان واضح، وانتقدها على ما تعتقد انها حققت فيه كسبا وفوزا بتلبيتها لطلبات النواب! لقد كان مطلوبا من الوزيرة ان تقف ضد هذه المطالبات النيابية التي تسفر عن وجه سافر في التدخل في خصوصيات الناس، فمن أراد أو أرادت ان تمارس نشاط السباحة، فهما حران في ذلك، وليس من حق الوزيرة منعهما، فتلك حرية شخصية لممارسها، أما ما قيل عن «شرف» الغائها حفل المدرسة الفرنسية، فإني أراه شاهدا آخر ودليلا يدينان الوزيرة، لا يرفعانها الى محل المديح كما تفضل السادة النواب المؤيدون للوزيرة.
أما حادثة «الاعتداء على القرآن الكريم» فإنني لأعجب أشد العجب، كيف مرت هكذا على كل من هم في قاعة المجلس من نواب أو وزراء؟ لأن القرآن الكريم أجلّ وأنزه من أن يكون محل تدنيس أو تشويه! القرآن ليس كتابا مسطورا، كما يحاول البعض ان يصوره لتمتد إليه أيد عابثة بـ «شخابيط»! بل هو كتاب منزل من السماء، ومداه من السماء العليا الى الأرض، فكيف لمثل ذاك التنزيل ان يمس بسوء من قبل طفلة لم تبلغ الحلم بعد؟! أو ان لها ما لها من سلوك؟! ثم إذا ما كان القانون يجرّم ذلك الفعل، فللقانون مجراه، ولا أعتقد ان أروقة المدارس أو دهاليز وزارة التربية محل للتجريم أو التبرئة!
هكذا يجب ان تكون المواقف، تأييدا بمكان التأييد، وإدانة أو رفضا في المقلب الآخر، أما العميانية ونصرة الأخ «ظالما ومظلوما» فلا أعتقد انهما ما يجب ان يسودا في واقعنا السياسي!
لقد ظلمك مؤيدوك يا «نورية» وجرحوك بـ «وردهم» أكثر من ظلم مناوئيك!