صالح الشايجي
لم يكن يوما على حافة الذاكرة! بل كان «صباح الأحمد» في صلب الذاكرة.
ما دخل الذاكرة واحتل صلبها حين تسلم الامارة!
قبل ذلك كان.
إن سنتي الامارة، هما سبطتا عقود من «صباح الاحمد» الحاضر في محافل الكويت وأعراسها، كل بيرق كويتي يرفع، كانت يد صباح الاحمد هي الرافعة له، أو انها احدى الايادي الرافعة.
كل سراج أنار في عتمة الكويت القديمة، كان زيته من دم «صباح الأحمد».
إن اللغة ليست كافية حينما تتجمع حروفها لتكتب عن «صباح الأحمد»، لا في مديحه، بل لتعدد السراجات والبيارق والقوافل التي حداها «صباح الأحمد» وصوّب لها المسير ورسم لها خرائط طرقها.
نحن الكويتيين المجايلين للأزمنة الكويتية المتقلبة من ليل دامس الظلام الا من سراج زيتي تعاكسه النفحات الباردة وتهدده بالانطفاء التام، ومن أرض طينية كانت أسرّتنا في هجوعنا، ومن بيوت كانت لا تحفظ جدرانها أسرارها ولا تقيها أسقفها دمع ديمة بكت خواءها، ومن.. ومن تاريخ كان كما الصابرين يخبئ ولا يحدث!
نحن أولئك القوم نعرف «صباح الأحمد» ونعرف اين كان وأين تنقل ونقل معه البلاد ونحن معها.
ذاكرتنا الجمعية الكويتية لم يطرق «صباح الأحمد» بابها أميرا، بل منذ ذلك الزمان القديم، حينما أشعل السراجات ورفع البيارق ونحت البلاد كي تبدو مثل البلدان التي رفلت في نعمة التقدم والمدنية والتحضر.
تذكره ذاكرتنا وهو على رأس «الشؤون» راعيا للخدمات الاجتماعية التي كان جل الكويتيين بحاجة اليها في أول اتصال بين «الراعي» و«الرعية» وفي تمثيل حقيقي لاستحقاقات الثروة وايصالها لأهلها الكويتيين! تذكره ايضا أبا للمسرح وللموسيقى وللغناء ولحفظ التراث.
تذكره في «المطبوعات والنشر» دائرة العقل - آنذاك - التي أبدعت «العربي» وقلدتها وسام السفارة، لتحل في العقول العربية سفيرة كويتية تفتح في تلك العقول نوافذ للمعرفة!
اما «سِفره» في الديبلوماسية الكويتية فيعز عليَّ كتابته ويعز على من يقرأ قراءته، فقد صغرت الحروف وضاقت على ما رحبت وعجزت ان تقول!
«صباح الأحمد» لم يدخل الذاكرة أميرا.
نسج اسمه من اسم الكويت، وحفر في الذاكرة ما لا تمحوه حتى الأزمان الجاحدة وما اكثرها! إنه سمو سام متسام فوق كل ما مضى، فقط هو يرنو الى الامام.