صالح الشايجي
لو كنت مفتيا ذا ضمير حي وجاءني عضو في «البرلمان» يستفتيني حول «ولاية المرأة» وهل «الوزارة» أو عضوية البرلمان ولاية عامة؟! لقلت له نعم! ولم اكتف بذلك بل اسهبت وطورت إجابتي لأفتي بـ «حرمة البرلمان» ذاته، وكفّرته هو لأنه «آمن» بالعمل البرلماني وانخرط فيه، وفي ذلك خروج على النص الشرعي او الديني والذي ينص على قصر الحكم على ما في «الكتاب والسنة» ويحرم الاحتكام لـ «غير الله»! وشفعت إجابتي او فتواي تلك بالكثير والكثير من النصوص القرآنية والأحاديث التي تؤكد ما ذهبت إليه!
إن الكثير من العلماء والفقهاء يكفّرون «الديموقراطية» ويعتبرونها خروجا عن الملة وتجويزا للشرع البشري ورفضا للشرع الإلهي، وانها بدعة لا يجوز للأمة المسلمة الأخذ أو العمل بها!
إن الفتوى الدينية - مع الأسف - تحولت مع الأيام الى انتقاءات ومختارات ينتقيها المفتي حسب البيئة المحيطة به أو المجتمع والنظام السياسي الذي يحكمه، فبينما نجد - مثلا - علماء المملكة العربية السعودية، يحرمون «الديموقراطية» ويعتبرونها كفرا صراحا ولا يتورعون عن ذلك القول، ويدلون به عبر وسائل الإعلام، نجد ان المفتين في الكويت لا يتطرقون الى ذلك ولا يثيرون حتى مجرد شبهة حول «الديموقراطية»، مع الأخذ بالاعتبار الفارق «العلمي» الكبير بين علماء السعودية و«علماء» الكويت! والذين يعتبرون مجرد مريدين أو أتباع وتلاميذ لعلماء السعودية!
وإكمالا للصورة ولإظهار فوضى الفتاوى وخضوع الفتوى للبيئة والمجتمع نرى ان «علماء» الكويت حرموا ويحرمون «ولاية المرأة» ويرون حرمة دخولها الوزارة والبرلمان والعمل كقاضية، بينما نجد ان مثل تلك الحرمة لا يقرها علماء مصر وسورية والعراق والمغرب واندونيسيا وغيرها من الدول الإسلامية!
مثل هذا التضارب في الفتاوى والحروب بينها والتضاد الواضح بين فتوى وأخرى، يقحم الشريعة ويدخل الدين في متاهات ومصالح وظروف بشرية ينصّب فيها البشر أنفسهم ناطقين باسم الدين ويلزمون فيها مجتمعاتهم باتباعهم لاسيما إذا ما كانت الأنظمة في بلدانهم تشجعهم على اللعب بالفتوى والتلاعب في أصول الدين.
نخلص من كل ذلك الى نصح الاخوة المتدينين والخائفين على دينهم بالابتعاد عن العمل السياسي في ظل الدولة المدنية الحديثة، لما في ذلك من حرمة واضحة، والابتعاد عن المفتين الذين لن يشفعوا لهم يوم القيامة!