صالح الشايجي
أعتبرها صحوة ضمير جزئية ومتأخرة، تلك التي تمثلت بتقديم نواب «التحالف الوطني» اقتراحا بقانون لإلغاء منع الاختلاط في الجامعات والمعاهد التطبيقية! ولكنها - رغم ما يشوبها من قصور وتأخير - فهي لا شك تحرك مبارك ومطلوب ويأتي على رأس المطالب الوطنية والديموقراطية، مع التأكيد على ضرورة اعتبارها مجرد خطوة أولى في الاتجاه الصحيح الخالي من الشوائب، ولبنة أولى في بناء صرح ديموقراطي وطني حقيقي، وفأس تكسر الأصنام التي زرعت على طريقنا الديموقراطي في سنوات الغفلة التي لا نستطيع ان نعتبر الإسلاميين والحكومة هم أبطالها واللاعبون الوحيدون في مسرحها، بل ان «الليبراليين» كذلك شاركوا في نسج خيوط عباءات قاتمة سوداء تمنع بزوغ النور.
إن المصلحة السياسية وخيانة المبادئ وتقديم الصالح الخاص على العام والتركيز على «الصندوق الانتخابي» أخرجت الليبراليين عن مبادئهم وألقت بهم أتباعا للإسلاميين، لأنهم اكتفوا - فقط - بإبراء ذممهم في التصويت ضد القوانين المقيدة للحريات والتي تفرض العادات والتقاليد على السلطة الدستورية والديموقراطية، وهي لا شك قوانين كثيرة نامت فيها ضمائر النواب الليبراليين، فلم يفعّلوا ضديّتهم، لتلك القوانين ولم يحشدوا لها مناصريهم ولم يقيموا الندوات، مثلما فعلوا - مثلا - في مناصرتهم لوزيرة التربية!
أنا لا أريد إجهاض هذه الصحوة، ولا تثبيط همم نواب التحالف وكسر عزائمهم، بل على العكس من ذلك أشد على أيديهم وأبارك مسعاهم ويصفق لهم قلبي قبل يديّ، ويبتهج لكل من يحاول تحرير الكويت من التخلف والسلطوية الغاشمة، ولكل من يحاول أو يسعى الى إعادة الكويت الى بهائها.
إن الاخوة في التحالف يدركون قبلي، أن ثمة قوانين وقرارات كثيرة صدرت من المجلس هي من جنس قانون منع الاختلاط الذي لم يكن بحاجة الى ان يسوق المتقدمون لالغائه تلك المبررات الفنية السلبية له، لأنه ساقط ومتهاوٍ من غير إيراد تلك المبررات! لذلك فإن عليهم ان يلاحقوا تلك القوانين غير الدستورية كلها ويتقدموا بطلب إلغائها، ابتداء من تلك الصادرة من أول مجلس حتى يومنا هذا.
إن الديموقراطية ليست عبثا، ولا هي زينة تتزين بها الأنظمة، ولا هي حلية للشعوب تتحلى بها، بل هي نظام سياسي يتكفل أول ما يتكفل بالحريات وصون كرامات الناس ورفعة المجتمع وتقدمه، وهذا ما لا تحظى به ديموقراطية الكويت ذات الحمل الكاذب!
فاستمروا وواصلوا حتى نصدقكم!