صالح الشايجي
كل مسعى شعبي لتجلية وجه الكويت وتحليته وإعادة البريق السابق إليه، ستجهز عليه الحكومة!
وكل فرحة تتولد في القلب الكويتي ستجهضها الحكومة.
وكل حر كويتي سيجد في وجهه سدا منيعا يحول بينه وبين الحرية، اسمه الحكومة.
الحكومة - باختصار - لا تريد إعادة البريق للكويت، أو بمعنى أصح للكويتيين! قد تسمح بإنشاء العمارات والأبراج الحديثة لتجعلها تخطف أبصار الناظرين ولتقنعهم بأن الكويت «تقدمت»، و«تحضرت» وواكبت العصر وحلت في بطنه وصارت بنته! قد يجوز ذلك وقد يحدث من خلال «البنيان» لا من خلال «الإنسان»!
وبمعنى أكثر صراحة، فإن الحكومة لا تريد للإنسان الكويتي ان يمتلك عقلا حرا منفتحا عقلانيا واقعيا موضوعيا مؤمنا بأنه الكويت وان الكويت هو! الحكومة لا تريد هذه النوعية من الكويتيين، وهي تشكو من «فوبيا» اسمها «فوبيا الكويتيين المنفتحين»! تخاف الحكومة من ذلك الكويتي، أو من أولئك الكويتيين لأنها تحس أنهم متقدمون عليها وانهم صعب انقيادهم ولا يدخلون تحت «البشت» الحكومي، وان عباءتهم أوسع كثيرا من «بشت» الحكومة.
الذين تجمعوا في الجمعية الثقافية النسائية في الحفل الخطابي المؤيد لإلغاء قانون «منع الاختلاط» والذين أفرحنا تجمعهم وكثرتهم وانفتاحهم وتقدميّتهم ووطنيتهم، هم في الوقت ذاته أثاروا شفقتنا وعطفنا عليهم، لأن مساعيهم كلها وخطاباتهم وآراءهم الموزونة العاقلة، تثير الحكومة وتستفزها، وبالتالي فهم نبهوا الحكومة وأعادوا لها «صور الماضي الكويتي المجيد» الذي لا تريده الحكومة ولا تريد ان يعود، لذلك فإن الحكومة ستتحرك سريعا وعلى مستوى الشارع - أيضا - وستقيم الندوات والمخيمات الربيعية وستستعين بالفقهاء والمشايخ والمفتين من داخل البلاد وخارجها وستعج تلك المنتديات والمخيمات بمجاميع من البشر الرافضين للاختلاط، والمؤكدين عدم موافقته لـ «عاداتنا وتقاليدنا»، لن تعجز الحكومة عن تجييش «جماعتها» وستسخّر منابر مساجدها وكذلك المساجد الأهلية ليجلجل عليها خطباء المنابزة والتحريم والتهويل.
ولكن ليس معنى هذا ان يستسلم المجتمع المدني والانفتاحيون للخطاب الحكومي ويتراجعوا عما بدأوه، بل ان عليهم الاستمرار والمقاومة وتصعيد الرفض الى الاضراب والاحتجاج وتعليق الدراسة من قبل الطلبة والطالبات المؤمنين بالاختلاط وكذلك من قبل أساتذة الجامعة، وهذا فقط - وربما - الذي يجعل الحكومة تحس ان عندها شعبا محترما، لا يخضع ولا يُستعبد!