صالح الشايجي
علينا أن ننحني ونتواضع أمام هيبة الشأن العام والقضايا الوطنية المفصلية، وألا نتعاطى معها، بخفة غير محمودة العواقب، أو بردات فعل طائشة، تولّد سلبيات وتخلف جروحا في ذاكرة الوطن وفي قلبه وفي أفئدة أهله.
بعد تأبين «مغنية» تم تناول «الحدث» على مثل تلك الصورة الكريهة من خفة وردات أفعال وطيش في التعاطي إما تحقيقا لمآرب ومكاسب،أو انتقاما وتسديدا لثارات قديمة، ولم يتم التعاطي معه على أرضية وطنية مشتركة! كل أخرج ليلاه من «هودجها» وصار يغني عليها مواله!
فجأة تم اختطافنا نحن العامة والبسطاء من أهل هذه الأرض، تقاذفنا الفريقان ووزعا انتماءاتنا بينهما، فهذا خطف «طائفته» وصار نجمها الأوحد، وذاك فعل فعله وقلده! أما نحن اللاطائفيين والمكتفين بكويتيتنا فقط فلا صوت لنا ولا وجود! بتنا نسيا منسيا، أو كأننا من «سقط المتاع» وطارئون على هذه الارض، وبأيدينا تذاكر العودة الى البلاد التي جاء منها أجدادنا!
هكذا، وبمنتهى البساطة والخفة نسوا الوطن وأهله واختطفوه ونحن معه ودسوه في جيوبهم وفي حناجرهم وأقلامهم وشاشاتهم.
الحكمة تقتضي ألا يتم تشخيص ذلك «الحدث» على اعتبار أنه خاص بطائفة معينة، فمن قال ان الشيعة كلهم مع «التأبين» وذرفوا الدموع على «الشهيد»؟! ومن قال إن «السنّة» كلهم كان لهم هذا الرأي؟! وهذه هي النظرة الموحدة للـ «شيعة»؟!
لقد تمت القضية على أساس «حزبي» لا طائفي، وليس «الشيعة» كلهم حزبا واحدا، وهذا ما كان يجب على «عقلاء الشيعة» بيانه منذ اليوم الأول، وقبل أن تتفاقم الامور وتترك الساحة للغلوائيين والطائفيين من «السنّة» كي يصعّدوا ويصعدوا على منبر «الوطنية» ويصيروا «أهل الحل والعقد» في البلاد!
هي بمنتهى البساطة، حرب حزبية بين فريقين من الغلاة من كلا الطرفين، ومصالحنا الوطنية ليست مع هذا الفريق أو ذاك، فهذه الفرق الحزبية تربط مصالحها خارج أسوار البلاد ومكوناتها، كل منها يصلي وراء إمامه، وليست الكويت «إمامهم» ولا هي قبلتهم السياسية.
إن «عقلاء الشيعة» الذين اختفوا حين ثار غبار المعركة، وخرجوا بعد انقشاع غبارها لينصحوا و«يمنّوا» علينا بعدم انجرارهم، هو موقف حكيم ورزين، ولكنه جاء متأخرا جدا ففقد كثيرا من أهميته وصلاحيته!
وان بعض ما قيل تأثرا بالحدث وفي أعقابه من قبل بعض الأطراف «الشيعية»، يكاد يجرّم ويخطّئ كل من لم يشارك في «التأبين»، وهذا ما لا نريد للحاصدين في مزارع الطائفية من كلا الطرفين أن يحققوه، ولم نسمع أو نقرأ - مع الأسف - ما يحمّل المسؤولية لمن أقام «التأبين» بل انهم تجاوزوا الحدث أو الفعل الى ردات الفعل سواء المجنونة منها أو العاقلة!