صالح الشايجي
يبدو أن ذاكرتنا الوطنية الجمعية، مغسولة بمسحوق فعال، يزيل البقع وكل ما علق بتلك الذاكرة، فيخلفها بيضاء ناصعة، كأن لم يطأها يوما حرف أو تمر عليها كلمة واحدة، أو «تلوثها» جملة مفيدة!
وذاكرتنا - أيضا - سريعة الجفاف، ربما بفعل شمسنا التي تجفف الدم في شرايينه!
ولولا أن ذاكرتنا هي بمثل تلك المواصفات أي مغسولة وجافة، ما كنا نسينا ونحن في «محفل» اللطم على «تأبين مغنية» والذي استدعى «الصقور» من أوكارها، ونبه نيام النمل في أغوارها السحيقة، ودعاهم للمشاركة وإثبات «الوطنية» و«الولاء»! أقول ما كنا نسينا أننا قبل أشهر ليست بالكثيرة، أن المجتمع الكثير الخصام والتحزب والتخندق والخارج عن بكرة أمه وأبيه لكل غير مناسبة، أن هذا المجتمع نفسه وفي شق منه، كان يدافع عن أحد أثرياء العصر الحديث، ومن المنتمين الى المنبع الجديد للثروة وهو «الدعوة»، المدعو «وجدي غنيم»!
لم يطالب أحد بمحاسبة أو محاكمة أو سحب الجنسية، عن الذين دافعوا عن «وجدي غنيم» وبرأوه وغسلوا دمه ونقوا ثوبه وطهروا فؤاده، من عداوتنا وبغضه لنا ومحاربتنا وتأجيج المشاعر ضد بلدنا وأميرنا وشعبنا ككل!
قد يقول قائل من أهل «الرأي والحكمة والحصافة»، إن «غنيم» لم يخطف لنا طائرة أو يُسلْ دما كويتيا كما فعل «مغنية»! هذا رأي صحيح، ولكنه ليس حكيما ولا حصيفا، لأن عداوة القلب واللسان هي أشد من عداوة اليد، لأنها تقود الآخرين وتشحنهم وتؤججهم ضدنا، وبالتالي فإن كثيرا من الدماء الكويتية التي سالت أثناء فترة الاحتلال، قد يكون «غنيم» متسببا فيها وأحد شاربيها بتلذذ وتلمظ!
ومثل «غنيم» آخرون أعرف بعضهم وأجهل أكثرهم، ومن الذين أعرفهم «أحمد ياسين» شيخ «حماس» التي كانت ومازالت وستظل وتبقى على عداوة معنا، سواء بتلميح منافق أو تصريح فج، وهي فعلت الاثنين «التلميح والتصريح»! ورغم هذا فلم يبق من «النخبة السياسية» اللطامة، ذو عينين ولسان وشفتين، إلا ندب وبكى واستذكر «مآثر الشهيد»! وصمت المجتمع كله الا من رحم ربي - وكنت أنا أحد أولئك المرحومين - عن جريمة تأبين «أحمد ياسين»!
أرجو السادة الكرام وكلاء تنظيف الذاكرة الكويتية، تركها على حالها وعدم تنظيفها، حتى تختزن بعض الذكريات الضرورية التي لابد منها، حتى لا نكيل المواقف الوطنية بمكيالين، أو بمكاييل عدة، ونوجه بوصلة الوطنية حسب الأهواء!