صالح الشايجي
لا أعرف كيف جاء إلى الدنيا وبأي يد طرق بابها؟
ولكنني اعرف شيئا عن كيف عاش الحياة، وكيف سار وصار في هذه الدنيا الواسعة، واعرف ايضا بعضا من الابواب التي طرقها ودخل منها الى عوالم ملونة من هذه الحياة!
اعرف، وعرفت، ولم اعرف.. «احمد الربعي» لأول مرة ذلك الـ «غيفارا» الكويتي الصغير، حامل السلاح الذي حملت الصحف اسمه مع بعض من شبان اواخر ستينيات القرن المنصرم مصنفين كمخلين بالامن ومثيري شغب دخاني صغير، عبّروا خلاله عن موقفهم السياسي المتجانس مع الفكر السياسي المشاغب السائد آنذاك!
احمد الربعي لم يكن من عبدة الاوثان المتبتلين والمنصرفين الى عبادة وثنهم لا يكادون يخرجون من معبدهم!
لم يكن هو كذلك، بل سرعان ما خرج من ذلك المعبد ولم يقوضه، وترك ذلك الوثن دون ان يرجمه، انصرف الى الحياة الاوسع، يتعلم ويعلم ويطور ويتطور، يبني ذاته في محراب العلم والمعرفة والثقافة، بعدما ألقى السلاح واعتزل القفز في ميادين العراك الجسدي.
كان نجما يتألق حيثما يكون، وهو الاول في اي جمع وتجمع، حتى ان لم يكن الاول في سلسلة هذا الجمع وترتيبه، وهو الذي يصدر الاشعاع ويثير الدهشة فيما يقول وفيما يتحدث به.
أسموه «الساحر» - وربما صدقوا - في قدرته على تحويل القناعات وعلى ترسيخ الافكار وانجذاب سامعيه اليه وبالذات بين الشبان.
دارس للفلسفة واستاذ فيها، نائب عن الامة ووزير اثار حفيظة الكثيرين ممن يرون فيه مقوضا لمشروعهم الثابت المتجمد، فحاربوه ولم يهزموه، وان لم يهزمهم هو ايضا.
كاتب ومفكر ومثقف ومتابع، يصافح وجهه الجميع، كثير الظهور في المناسبات كلها، لا يتوانى عن عرس ولا يتأخر عن مأتم!
يموت احمد الربعي وبموته تفقد الكويت عينا كانت ترى بها!