صالح الشايجي
كان الاحتلال العراقي للكويت، شهادة وطنية للكويتيين أجمعين، برأتهم جميعا من تهمة الخيانة أو حتى الشبهة في ذلك، حيث عجز ذلك الاحتلال بما جاء به من قوة التدمير والرعب والليالي السوداء والقتل والفتك والحرق، عن ان يجد كويتيا واحدا يسير في ركبه أو يرفع لواءه أو يستفيد من منحه وعطاياه - وهي كثيرة - لمن يتعاون معه أو يؤمن مجرد إيمان صامت بشرعيته، وبأن الكويت باتت محافظة صدام حسين التاسعة عشرة.
أقول هذا - أولا - من باب الفخر بالكويت والكويتيين جميعهم، وبحكامنا الذين ربطونا ببلادنا وولّدوا الحب في قلوبنا لها، اعتمادا على سياسة الإنصاف التي اعتمدوها والعدل والمساواة والحرية وتوزيع الثروة الوطنية بما يغني الكويتي عن الحاجة ويجعله في بحبوحة العيش ورغده ونعيمه، لذلك فإن ساعة الاحتلال أكدت ولاء الكويتي لوطنه وتعلقه به.
وأقول هذا - ثانيا - لأخلص الى نتيجة مؤدّاها التأكيد على خلو قلوب الكويتيين جميعا من كل الطوائف والأعراق، من الولاء الخارجي والإيمان بغير الكويت القائمة بمكوناتها جميعا! فإيمان الكويتيين كافة بالكويت ولا غير الكويت، حتى من يسعى بالرأي والمشورة الى تطوير الواقع الكويتي وترقيته، فإنه يسعى من خلال الحب والإيمان والولاء للكويت، وليس لأنه ذو ولاء خارجي أو انه كاره للكويت.
وأقول هذا - ثالثا - ردا على من حاول النفخ في نار الطائفية نتيجة محنة «التأبين» ومن حاول تسعير النيران بالنفخ المتواصل وبصب الزيت على نار أعتقد انها مستعرة، وبالتشكيك في ولاء جماعة ما أو أفراد هنا وهناك! إن العقل والمنطق والمصلحة الذاتية لكل كويتي، تؤكد ان حب الكويتي وولاءه لوطنه لا غير، فأنا لا أبالغ إذا ما قلت ان الكويتي حظي بوطن مثالي قياسا بالمحيطين القريب والبعيد، بل ان ما حظي به الكويتي في وطنه، لم يحظ به مواطنو كثير من الدول المتقدمة سواء في الغرب أو الشرق، وتلك كلها مسببات لولاء الكويتي - كائنا من كان - لوطنه فقط، أما التعاطف أو الإيمان السياسي بنظام ما أو حزب ما أو تنظيم ما، وذلك أمر طبيعي ولا ينتقص من وطنية الكويتي، فبين الكويتيين «ناصريون» و«قوميون» و«بعثيون» و«اخوان مسلمون»، فهل نشكك في كويتية أو وطنية أولئك كلهم.