صالح الشايجي
انا مؤمن بان ما املكه من مال وغيره، للآخرين - الابعدين منهم والاقربين - حق فيه، يشاركونني فيه حتى وان بحصص بسيطة غير متساوية مع حصتي فيه، وما انا الا مجرد حائز او حارس على هذا المال الذي احاول جهدي ان اكون امينا عليه وحكيما في انفاقه.
لا اقول ذلك من باب المثالية او انسجاما مع طروحات سياسية اشتراكية، بل انني بذلك الافصاح اعرّف الآخرين بهويتي الفكرية الخالية من الطمع وحب الحياة والاستئثار وترك الآخرين محرومين تأكلهم الحسرة وربما الحقد او الحسد.
ومن كان مثلي فهو بلا شك سيكون بلا ثروة، وستبقى حياته كلها بلا مال زائد او رصيد تتناقله حسابات البنوك.
اما عن حقوق الآخرين فيما نملك فلا يعني ذلك ان ندس ايدينا في جيوبنا لنفرّق ما بها من مال على كل عابر سبيل او كل من مد يده مستجديا، بل ان ذلك يعني الا نكتنز الاموال فلا نشتري مستلزماتنا الحياتية واحتياجاتنا او لا نوظف من يساعدنا على امور حياتنا من عمال ومن شاكلهم ضنّا منا بالمال حتى لا نعطيه ذلك السائق او الخادم، ونتكلف بذلك مشقات في الحياة وصعابا، بدافع من الحرص على المال وعدم اشراك الآخرين فيه.
في نقاش مع احد المعارف، تطرقنا - ذات مرة - الى رواتب العاملين في بيوتنا، فتحول فجأة الى نمر مفترس وعلا صوته وازبد وارغى واربد حين سمع مني الرقم الذي ادفعه لسائقي شهريا كراتب له! وقرّعني ولامني لأنني مسرف ومبذر وسفيه، بل زاد ان حمّلني المسؤولية قائلا لي: «انت وامثالك تخربون علينا الخدام»! علما ان صاحبي هذا ذو ثروة بلاتينية واملاكه موزعة على اصقاع الارض كافة! رددت على ثورة صاحبي بأن زدت مرتب سائقي، فقد اتصلت بسائقي امام صاحبي، وبعد ان انهى ثورته، لابلغه بزيادة راتبه، نكاية في ذلك الصاحب الذي انقطعت علاقتي به منذ ذلك اليوم أو تلك «الثورة»!