صالح الشايجي
من نختلف معهم في الرؤى والافكار والتوجهات، لا يعني ذلك أننا نكرههم! وقد نكرههم لصفات أخرى فيهم لا علاقة لها بدرجات الاختلاف.
عند البعض يصل الاختلاف الى درجة الكره الشخصي، ويتحول الأمر - أحيانا - الى عداوة بين الشخصين أو الجماعتين المختلفتين، وهذا ما تكشف عنه الممارسات والأعمال الكيدية التي يمارسها هذا الشخص ضد من اختلف معه.
ولكن الغريب أن هذه العداوة، تتحول الى محبة وتبتّل في محراب «العدو» بعد موت ذلك العدو الذي لم يبق خصمه أو المختلف معه وسيلة من وسائل العداوة والكره والبغض الا واستخدمها ضده.
برأيي ان الموت لا يحول العدو الى صديق، ولا يحول الشيطان الى ملاك، فمن مات وهو برأي خصومه أو معاديه سيئ، فهو أيضا سيئ حتى بعد موته، وان كان شيطانا في رأيهم فهو ايضا شيطان حتى بعد موته، وان كان شيطانا منتهي الصلاحية فاسد المفعول.
علينا أن ننسجم مع أنفسنا ونرشّد حبنا أو كرهنا أو عمومية موقفنا ازاء الآخرين، حتى لا نندفع في محبة خدّاعة كاذبة، أو في عداوة ضارة نحس في أعقابها بتأنيب الضمير وتوبيخه، ما يجعلنا نستصغر أنفسنا الأمّارة بالسوء والظالمة التي أساءت الظن بمن يستحق المحبة.
ألاحظ - عند البعض - غياب هذه الحقائق الكشّافة الساطعة، فسرعان ما يتحول أعداؤهم الموتى الى ملائكة يترحمون عليهم مذكرين بمناقبهم ومحاسنهم، يدبّجون فيهم المقالات والقصائد الرنانة، وكأن تلك العداوة التي تكشفها مواقف فعلية وحقيقية وممارسات أكدتها تلك العداوة، كأنها لم تكن، وكأنّ الراثي الحي كان يتبادل أنخاب التحية وينحني كلما مر بالمرثي المرحوم.
انها مواقف غير مرشدة، علينا تجنبها وترشيد حبنا أو كرهنا للشخص الآخر، حتى لا نقع في خطيئة الظلم فنكره من لا يستحق كراهيتنا، أو نحب من هو جدير بالكره بسبب سوء أخلاقه وانتهازيته ووصوليّته أو غيرها من أمور تدعو الى رفضنا لذلك الشخص! حتى وإن مات نظل على موقفنا منه، لأن الموت لم يصلح من أخلاقه ولم يرممها بل أطفأها كلها كاملة!