صالح الشايجي
أرسل الله الأنبياء الى البشر كافة، وليس من نبي حكرا على قوم بعينهم او أمة بذاتها.
الأنبياء اتقياء أنقياء يحملون الطهر ويرسمون للبشرية دروب سيرها السليم ويبعدون البشر عن الزلل.
وفي ظل الحدة السياسية القائمة والتي افرزت العنصرية والفئوية وفرقت البشر الى شيع واقوام وديانات وحضارات متصارعة وثقافات متباينة، أُدخلت الأديان كمحرك لتلك الصراعات، واستغلت الاديان كأسلحة فتاكة في اشعال نار الحروب والصراعات السياسية.
خرج في دولة «الدنمارك» رسام كاريكاتوري نشر رسومات، فسرها المسلمون على انها اساءة لنبي الاسلام محمد ( صلى الله عليه وسلم )، فثارت ثائرتهم وقامت قيامتهم واشتعلت النيران في مباني الابرياء، ولم يصب شررها اليد التي رسمت، وظهرت مطالبات بمقاطعة «الدنمارك» الدولة التي نشرت فيها تلك الرسومات! ورأيت في أحد المجمعات التجارية في دولة عربية، لافتة مكتوبا عليها «هذا مكان البضائع الدنماركية»، اما المكان المقصود فهو «سلة قمامة»!
المسلمون الذين هدفوا من تلك الثورة التي راح ضحايا لها اناس منهم وتضررت مصالح اناس مسلمين مثلهم، للدفاع عن الإسلام وعن النبي محمد ( صلى الله عليه وسلم ) هم في الحقيقة لم يدافعوا عن الاسلام ولا عن النبي محمد ( صلى الله عليه وسلم )، بل ان العكس - تماما - قد حدث، حيث ساهموا في فتح عيون المتطرفين مثلهم في الجانب الآخر، سواء في الدنمارك او غيرها من الشعوب المسيحية، فتم انتاج افلام تتضمن اساءات مباشرة للقرآن وللاسلام وللنبي محمد ( صلى الله عليه وسلم ) وللمسلمين كافة، وتجيّش اولئك المتطرفون ونشطوا واخرجوا كثيرا من مخزونهم حول الاسلام والمسلمين وما يحويه ذلك المخزون من بغضاء او آراء سلبية ازاء الاسلام ونبيه ( صلى الله عليه وسلم ) وكتابه، كانوا يحملونها في صدورهم، ولم يكونوا يجدون المبرر لافشائها او تسعير نارها، حتى جاءت ردود الأفعال الغاضبة والحارقة، والتي اعطت اولئك المتطرفين الفرصة واتاحت لهم حق الرد.
هذا درس لو وعاه المسلمون الذين كاد دينهم يساوي بين الانبياء كلهم من حيث القدسية والتوقير، لما كانت ردود افعالهم مصدرها الدفاع عن نبيهم فقط متناسين بقية الانبياء الذين نالهم من اقوامهم اكثر مما نال نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) منهم! انهم لو وعوا الدرس لكان الاسلام بخير، ولمرّت قضية الرسوم الدنماركية بسلام ولم تتحول الى ازمة ربما تقود الى كارثة!