صالح الشايجي
لولا قلة قليلة مازالت مؤمنة بـ «ديموقراطيتنا» وصناديق الانتخاب والمرشحين وندواتهم وولائمهم، لانحصر الاهتمام بالانتخابات والمشاركة بها في المتمصلحين المباشرين منها والمستفيدين من سوقها، كالذين تربطهم علاقة مباشرة بالمرشح من أهله وعشيرته والاقربين، او من لهم مصلحة مادية بفوز مرشحهم، كأن يغدق عليهم المال أو يتوسط لهم في قضايا غير قانونية يتربحون منها!
هذا هو المشهد «الديموقراطي» الحقيقي للكويت، فلقد مل الديموقراطيون الحقيقيون من تلك الممارسات التي تتم تحت مسمى «الديموقراطية»، ويئسوا واشاحوا بوجوههم ونفروا بأجسادهم ونظفوا عيونهم وطهروا عقولهم من كل ما يمت الى هذه «الديموقراطية» بصلة.
في بدء الحياة البرلمانية في الكويت ومنذ ما يقرب من نصف قرن مضى، كان ثمة ايمان حقيقي وعفوي بالديموقراطية، مبني على قناعة الناس - وعلى بساطتهم آنذاك - بالمرشحين ممن يعرفونهم ويتوسمون فيهم النزاهة والقدرة على ايصال الرسالة وحمل مسؤولية الوطن، دون ان يكون لاولئك المرشحين غرض شخصي او مصلحة ذاتية يهدفون اليهما من خلال الترشيح والعمل البرلماني، لذلك كانت الصناديق تفرز من هم يتحلون بتلك المواصفات الانسانية والاخلاقية والوطنية، وهذا ما تحقق تقريبا في مجلس عام 1963، وهو المجلس الاول، وهو ايضا الذي اثار «الحكومة» لتتدخل في انتخابات المجلس الثاني 1967 بالتزوير وترجح كفة بعض الذين لا يملكون تلك المواصفات وليس لهم ثقل شعبي واخلاقي ووطني، مع تطعيم نتائج ذلك المجلس ببعض الاسماء المحترمة والذين نجحوا نجاحا حقيقيا لا من خلال التزوير، ما حدا بتلك المجموعة الى الاستقالة بعدما انكشف امر التزوير والذي اعترفت به الحكومة لاحقا!
برأيي ان كل او معظم المجالس التي جاءت بعد 1967 شابها الدمار والتخريب اللذان وضعت اسسهما في مجلس 1967، ومنذ ذلك التاريخ ساء العمل البرلماني وخرج عن مساره الحقيقي، وتحول من عمل ديموقراطي جماعي، الى حقل خاص للنائب يزرعه كيفما يشاء ويحصد من خيراته، والناس اذكياء وواعون احسوا بتلك الخصوصية للعملية الديموقراطية، وبتحول الديموقراطية الى مكسب شخصي للنائب، يضاف ان ذلك السوء الواضح في الأداء البرلماني والذي مارسته الكافة من النواب، مانزع عن الديموقراطية ثوبها النقي، لذلك انصرف الناس عنها!