صالح الشايجي
لابد من التذكير والتأكيد والتركيز على ان «الانتخابات الفرعية» بدعة «حضرية» بل «سنيّة» تحديدا، ابتدعها أصحابها «السنّة» في ثمانينيات القرن المنصرم، لاقصاء المرشحين «الشيعة» والاستئثار بـ «كعكة» المنطقة.
لم تجد تلك البدعة حين مولدها الاستنكار أو الرفض الكافيين لوأدها في مهدها، ما أدى الى استعارها وانتشارها حتى وصلت الى «القبائل» ونتج عنها ما نشهده هذه الأيام مما نكره ولا نتمنى رؤيته!
واضح ان الفهم الديموقراطي لم يترسخ ولم تتشربه العقول والأفهام، بل إنه تحول إلى «بازار» أو سوق للمتاجرة والتكسب والوجاهة الاجتماعية والرفعة والمكانة المميزة في المجتمع! ومن هنا جاء حرص الفرقاء المشاركين في الانتخابات على الفوز بها لتشكيل مظلة اجتماعية لمن يفوز من «الفرق» سواء كانت قبائل أو طوائف أو أي تجمعات أخرى.
يحرص كل فريق على أن يكون ممثلا في «البرلمان» وربما لا يكتفي بذلك، بل إنه يحاول إقصاء الفريق الآخر حتى يضمن له مكانة مميزة تفوق الآخر الذي لم يكن له نصيب في «البرلمان»!
هذا بالضبط ما استقر عليه الواقع الديموقراطي، ونقول «الديموقراطي» تجاوزا في الكويت، وهو ما يخلي العملية الديموقراطية من عظامها ويجعلها هريسة ومهروسة و«سائحة» لا مقوّم لها.
والآن وفي ظل هذا الواقع وهذا التجريد والتجزيء لمكونات الشعب الكويتي، هل بقي من «الديموقراطية» شيء؟! هل «الديموقراطية»، بكل بشاعتها وفرزها القميء والشائع في بلادنا، هي النظام الأمثل الذي علينا التمسك به والدفاع عنه؟! أليس من دور ما يسمى بـ «القوى الوطنية» و«النخب السياسية» و«أصحاب الرأي» و«أهل المشورة» المناداة بتعطيل عجلة الديموقراطية الدائرة الآن والتي تفرم مع دورانها عظامنا وتفتك ببلادنا أشد الفتك؟!
هل تصور أحدنا أن يرى كويتيا يرفع سلاحه في وجه رجل الأمن؟! وهل تصورنا أن نرى أبناءنا يقذفون رجال أمننا بـ «الحجارة»؟! أو أن تستدعى الفرق الخاصة وتحوم الحوامات فوق أبنائنا تترصدهم وتشي بحركاتهم؟! أو أن يستخدم السلاح المطاطي وقنابل الغاز والهراوات والعصي؟!
ذلك أمر مشين ومهين لنا ولبلادنا ولرجال الأمن، وهو ما لا نرضاه ولن نرضاه! وهذا ما يدعونا إلى المطالبة بكشف عورة «ديموقراطيتنا» التي اتضح انها باب للفرقة والتشاحن والبغضاء وتجزئة أفراد الشعب، وحتى بين القبائل نفسها، فإن كانت القبائل مجتمعة ترفض تدخل الحكومة في انتخاباتها الفرعية، ففي الغد ستقف هذه القبيلة ضد القبيلة الأخرى! وهذا مكمن الخطر وما يجب ان نتحاشى وقوعه ونستبق الشرر قبل أن يتّقد!
نحن بحاجة الى وطننا، فلنضحّ بهذه «الديموقراطية» في سبيل وطننا! ألا يستحق هذا الوطن هذه التضحية؟!