صالح الشايجي
ثمة ما يجعل الصورة البرلمانية عندنا ضبابية ومشوشة ومرتبكة كثيرا، وهو الأمر الملحوظ، ولكن لا يعترف به أحد أو يحاول تعديله، او ربما لا يدركه.
أعني بذلك ان للبرلمان اصولا وقواعد يحكمها الدستور الذي يمنع التشاطر عليه او الاجتهاد خارج نصوصه، وهو الذي يعطي للبرلمان قوته ويشكل له الحماية من اي اختراق او عبث عشوائي او مقصود.
اما ما يحدث عندنا، فهو ان البرلمان يخضع للأهواء والاجتهادات من قبل بعض اعضائه الذين يفرضون ثقافتهم ومعتقداتهم الخاصة على البرلمان، وبذلك يخضع البرلمان لهم بدل ان يتكيفوا هم مع ثقافته ويخضعوا لمكوناته واساسياته.
للتدليل على ذلك فإنني أورد أهم تلك الصور الصارخة لاختراق البرلمان وهدم اركان الدستور! تلك الصور تحمل لنا تحول البرلمان من مؤسسة ديموقراطية دستورية وضعية، الى مؤسسة دينية انحرفت بالمسار الديموقراطي والبرلماني والدستوري عن جادّته الرئيسية الى تشعبات وطرق اخرى، هي بالنتيجة لا تفضي الى ما كان يجب ان يفضي اليه البرلمان بحمايته الدستورية.
أي اننا امام حالة يفرض فيها «الوافد» او «الغريب» شروطه وثقافاته على «الاصيل» وهذا ما يتنافى تماما مع طبيعة الاشياء، لأن من يذهب الى المدرسة يذهب اليها ليتعلم منها، لا ليعلمها، وكذلك من يدرس الهندسة او الطب او الحقوق او الموسيقى او ايا من العلوم الاخرى، فإنه لابد من خضوعه لقواعدها ونظرياتها ليتعلمها ويستوعبها ومن ثم اما ان ينجح او «يسقط»! ولم يسمع احد قط بدارس طب يذهب الى كليته ومعه تعاويذ وأذكار او اعشاب ليجعلها بديلا عن النظريات الطبية التي تدرسها كلية الطب، وذلك ما ينطبق على بقية العلوم.
إذن لماذا البرلمان - وحده - هو الذي يخضع لثقافة «المستورَد» والوافد اليه والغريب عنه والذي من المفترض فيه ان يخضع للسلوكيات والاخلاقيات والأسس البرلمانية لا ان يفرض هو معتقداته على البرلمان؟! من يحمي البرلمان في هذه الحالة؟ ام ان البرلمان عندنا ملعب للأهواء لا تحكمه شروط ولا تقاليد؟!