صالح الشايجي
مقياس الوطنية ليس خاضعا لميزان التربّح الشخصي والكسب الذاتي الذي يحققه المرء لنفسه، بل يكون بقدر ما يقدم هذا الانسان لوطنه من جهده وموقفه ووعيه وصحوته.
و«الديموقراطية» التي يعتبرها البعض منا مقياسا للوطنية، بقدر التحام احدنا بها ومشاركته في تركيب تشكيلاتها وتدعيم اسسها، هي في الحقيقة عكس ذلك المسعى الخيّر الذي يظنه ذلك البعض، حيث هي تفضي في نهاية الدرب إلى تحطيم الوطن وتفتيت أكباد ناسه وادخال مستقبله ضمن ظلام المجهول وتشتيت واقعه، وهذا ما أكدته وقائع نصف قرن من الزمان تقريبا هو عمر ديموقراطيتنا الهدامة، والتي يجب ان نتعظ من مجرياتها وهي تغرز في خواصر وطننا خنجرها يوما في اعقاب يوم، حتى بتنا على ما نحن فيه من تخلف وتدنّ ونكوص وفوضى وفساد.
ان الكويتي المحب لوطنه والواعي لما يحاك لهذا الوطن في دهاليز الخفافيش وسُرّاق الفرح ولصوص الاوطان، لابد ان يقطع الطريق على اولئك المتآمرين عليه وعلى وطنه، مستغلين الديموقراطية كرداء يتزيّون به ويتزينون، في خداع واضح للبسطاء والعامة والصادقين من المواطنين الصالحين الذين ينخدعون بما تلوكه ألسنة تجار الديموقراطية والذين يجعلون من هؤلاء المواطنين البسطاء الصالحين جسرا للوصول الى مصالحهم، ومعولا لهدم الوطن، تحت غطاء الديموقراطية الزائفة التي يحاولون ترويجها بيننا!
ان المواطن البسيط هو اول ضحايا هذه الديموقراطية الشائنة المضللة الوصولية الانتهازية، وبالتالي فإن على هذا المواطن البسيط ان يحذر ويتقي نارا سيكون هو، لا الحجارة، وقودها المستعر.
بمعنى اكثر وضوحا، ان الوطن الكويتي يدعو أهله ويصيح: ليكن لكم صوت يعرّي هذه الديموقراطية ويكشف تجارها والمتربحين منها، ومن خاف منكم على نفسه من تجار الديموقراطية، فإن مقاطعة الانتخابات هي تعبير وطني سلمي، وهي اضعف الايمان الوطني!