صالح الشايجي
ليت لي دمعا فأذرف، وليت لي دما فأنزف.
لقد جفف الناعي العروق ويبّسها، أصلاها بسياط حارقة، ومنع عنها النزف الشفيف! وشرب الحزن كل الدمع وحجّر المآقي، فغدت صحراء لا تنزّ ولا تنزف.
هل أرثي «سعد العبدالله»؟!
وهل مثله يرثى؟!
وهل مثلي يرثي مثله؟
رجل كان له جناحا نسر محلق شاهق في الأعالي.
طوانا تحت جنحه، دثّرنا بعباءته حين صرنا عرايا بلا وطن، فكان صدره الوطن!
كان لسانه الوعد الحق، كانت رجلاه تحملان الحق وترحلان به في كل قارات الأرض! وكانت يداه البيت والسقف.
لم يهن، ولم يعجز، ولم يتوقف، ظل محلقا لا يهوي! فليس للنسور من أوكار سوى أوطانها! وما كان لـ «سعد العبدالله» من وكر الا الكويت!
دخل قلوب الكويتيين وبنى فيها قصورا لا تبلى ولا تندثر! وحفر في ذاكرتهم تاريخا غير مكتوب، ورسم في عيونهم وطنا يغزو القلوب.
في كل صفحة من تاريخ الكويت ثمة «سعد العبدالله»! وفي كل قلب كويتي رسم لذاك الذي سكن القلوب دون ان يدق أبوابها.
ما أصعب ان يكون المتوفى «سعد العبدالله» وما أقسى ان يكون راثيه واحدا ممن ساكن فضله وتربى في حاضنة خلقه الكريم الرفيع.
لم يكن شيخا وكفى، كان شيخا تكبر به «الشيخة» وتستمد منه أخلاقها وثقافتها ومكانتها.
«سعد العبدالله السالم الصباح» اسم أكبر من ان يغيّبه الموت!
سلام عليك تحف بك في لحدك قلوبنا وترعاك في مماتك أكثر مما رعتك حيا!