صالح الشايجي
لعل أهم ما يميز الديموقراطية انها اساس لتحقيق العدالة والمساواة بين افراد المجتمع، وانها تعطي الجميع حقوقهم بالتساوي، ولا تسمح بغلبة فئة على فئة اخرى من فئات المجتمع.
وهي الى ذلك لا تعطي الحق لاغلبية أن تفرض هيمنتها او فكرها على الاقلية، وبالمقابل لا تعطي الحق للاقلية بالهيمنة على الاغلبية.
ومن هذا المبدأ والاساس المعروف للديموقراطية، فإنه يحق لنا ان نطالب بتعديل المسار المعوج لديموقراطيتنا والتي استغلها البعض - سواء أكانوا اقلية أم اغلبية - لفرض هيمنتهم الفكرية على المجتمع، ونقصد هنا جملة المحافظين أو المتشددين، ولا نقصد في مجلس الامة الحالي - فقط - بل نعمم على من كانوا ممثلين للامة على مدى سنوات العمل البرلماني.
ربما ثمة عيب كبير في ديموقراطيتنا وهو انه ليس هناك ما يحد من جنوحها وخروجها عن المسار الديموقراطي للوصول الى حدود الديكتاتورية او الهيمنة، وهذا ما يجافي تماما المفهوم الديموقراطي.
والحكومة، والمفترض فيها أن تكون اهدأ وتيرة واخفض صوتا واكثر اتجاها نحو تحقيق المبدأ الديموقراطي، نراها تتنافس احيانا مع اعضاء مجلس الامة في اقرار قوانين التشدد والسلب وفرض الهيمنة والانحياز لفئة اجتماعية على حساب فئات اخرى من مكونات المجتمع!! واللوم - في هذه الحالة - يقع على الحكومة اكثر مما يقع على اعضاء مجلس الامة والذين هم يطلقون بالونات اختبار ويحاولون فرد عضلاتهم واستعراض قوتهم، ولكن قدراتهم مقيدة وغير مطلقة، أو هكذا يجب ان تكون، على اعتبار ان الحكومة هي صمام الامان وهي السد الذي يقف في وجه الطموحات الفردية الجائرة وغير المعقولة لبعض النواب، ولكن ما حدث على مدى قرابة نصف قرن تقريبا، هي عمر حياتنا البرلمانية، ان الحكومة لا تقوم بممارسة هذا الدور، بل على العكس من ذلك فإنها تقوم بدور شرطي المرور الذي يسهل حركة المرور امام ذلك الجنوح ويزيل عن طريقه اي عقبة كأداء قد تعيقه.
هذا الواقع يدفع بنا الى الشك بدور الحكومة في الايحاء او التنسيق مع بعض النواب من اصحاب تلك الطروحات والمشاريع المتشددة لايهامنا بأنها مجرد ضحية مثلنا، لتلك القوانين اللاديموقراطية، بينما هي الجلاد أو من جهز السوط للجلاد.