صالح الشايجي
كان صمتها كرما منها، وكرامة لنا ولها!
بعدما أكرمتنا بصمتها الجميل، عادت وردة الجزائرية تنزع عنّا ذلك الشرف النبيل الذي منحتنا إياه سنوات ليست بالطويلة.
سمعتها وعاينتها لأول مرة عام 1959 تغني في معرض دمشق الدولي لـ «جميلة بوحريد»، «وأظن جميلة لا يوجد سواها» هكذا كانت وردة تغني فتلهب المشاعر، صوت قوي منطلق جاء يشق السحاب ويرسخ اسم «جميلة بوحريد» في أذهان«السميعة» و«الهتيفة»!
كانت وردة، في تلك المرحلة تعيش ما يسمى مرحلة الانطلاق، وهي المرحلة اللبنانية في عمرها «على مفرق درب الحبايب واقف مستني»، ثم حلقت الى مصر فكانت انطلاقتها الحقيقية حتى باتت تحت كل جفن عربي وداخل كل رأس عربي!
«يا لعبة الأيام» و«اشتري منك بعمري لحظات لو تبيع» و«يا نخلتين بالعلالي» و«المظ» و«روحي وروحك حبايب»!
قيل إن السياسة لوثتها أيام السلطان «صلاح نصر» وفجأة كأن لم تكن ثمة وردة وانتهى كل شيء وأسدل الستار، وغابت «وردة» ولم تعد إلا بعد أن أنصفها ملك الموت، حينما خطف أرواح العابثين بسيرتها «الفنية».
عادت الى مصر و«العيون السود» و«دندنة» وسيل من مزن الغناء الجميل، حتى وصلت الى مهبط الغناء الإجباري بظهور «عمرو دياب» وما شابه من منطنطين مطففين، ولكنها لم تهبط وارتفعت مع «بتونّس بيك» وقريناتها من أغنيات أخذت من روح الموجة السائدة ولكن حافظت على أصالتها.
غابت «وردة» عن السمع، فقلنا خيرا فعلت اقتداء بـ «شادية» و«نجاة» ومن ناخ على كلكلهن شبح الكبر والعجز واستبعار الصوت، فحمدنا لها صنعها وصنيعها! ولكنها فاجأتنا - أخيرا - بعودة غير حميدة، وبصوت مستبعر كاد أو هو، نحر - فعلا - آذان مستمعيها!
فيا ليتك يا وردة لم تفعلي! وليتك لذت بحائط العمر الذي يستر من يلوذ به!