صالح الشايجي
ما أمرّ أن تكون الشكوى مجرد صوت ينطلق وحروف تطير في الهواء دون أذن تسمع، ذلك يحيل حياة المرء صحراء جرداء لا نبتة فيها ولا قطرة ماء ولا ايضا امل! وهذا هو المهم «الأمل».
الشكوى الفردية - على رغم اهميتها للفرد - لا قيمة لها لأنها تفتقد عنصر التكتل او الجماعية، ولكن المقصود بالشكوى هو الشكوى الجماعية، جماعة من الناس - قد تقل او تكثر - ترى انها مسلوبة الارادة والحقوق في المجتمع الذي تعيش فيه، وبالتالي تطلق شكاواها، وترجو وتسترحم ولكن لا مجيب ولا أذن تسمع.
يحوي واقعنا الاجتماعي شيئا من هذا القبيل، حيث ان هناك فئة في المجتمع تكاتف المجتمع كله وبكامل مكوناته على ظلمها وهضم حقوقها وسلبها ارادتها وتجاهل شكاواها، وهي الفئة التي لم تتلوث بالثقافة النفعية والسطحية السائدة في المجتمع، والتي ترى في الأفق هلاكا حقيقيا للمجتمع مادام سائرا في هذا الدرب ومعززا لتلك الثقافة الهامشية.
هذه الفئة سُلخت من هذا المجتمع واعتبرت كائنا شيطانيا او نبتا دخيلا على ارضية المجتمع لابد من اجتثاثه وحرق الارض التي انبتته حتى لا تعود تطرح مثل هذا النبت الدخيل والضار.
نتيجة هذه الثقافة المسيطرة على المجتمع الكويتي، باتت شرائح كثيرة من الكويتيين مقصاة ومعزولة ومشكوكا بها، تجأر بالشكوى ولا من مستجيب! وبالمقابل يتقرب الكثير من الوافدين من البسطاء او حتى معدومي التعليم لأنهم مجارون لتلك الثقافة الهشة ومنسجمون معها، لذلك يصبحون اقرب للكويت من مواطنيها وابنائها من معارضي سيادة ثقافة الهشاشة والجهل.
تلك اشكالية معقدة، تُقصي ابن البلد وتقرب الغريب، ونتائجها لا شك وخيمة على البلاد من جميع النواحي، بل نحن نعيش الآن بعض نتائجها، اما المقبل فهو كارثة حقيقية.