صالح الشايجي
لم يتسن لي مشاهدة المسلسل التركي الذي بات حديث الناس العرب في أقطارهم العربية كافة، ولكنني تبلغت ردود الفعل على هذا المسلسل، من خلال ما قرأت في صحف كثير من الدول العربية.
لم يقل أحد ولم أقرأ أنه مسلسل إباحي، بل هو اجتماعي يدور في محيطه التركي ويناقش قضايا وأمورا قد تحدث في تركيا.
لذلك استغربت ردود الفعل المتشنجة والمتطرفة والتي وصل بعضها الى حد تكفير كل من اشترك وشاهد وروّج لهذا المسلسل!
لا شك في ان هذه الصورة تؤكد حقيقة تفكير المجتمع العربي وتدلل بكل وضوح على محدودية التفكير وحصره فيما ليس له من داع! فضلا عن إشغال الرأي العام بقضايا يجب ألا تكون محل اهتمامه أو أن ينشغل بها أو حتى تمر مجرد مرور على ذهنه.
هي - لا شك - أزمة فكر وتفكير تعاني منها المجتمعات العربية قاطبة، وبدرجات متفاوتة بين مجتمع وآخر، ولكنها في النتيجة تؤشر الى تهافت العقل العربي وهشاشته الفكرية وسذاجته.
كما ان في مثل ذلك الانشغال بالمسلسل وردود الفعل بما فيها من تكفير وما إلى ذلك، نوعا من الوصاية التي تفرضها ثقافة التعنت والتشدد ومحاولة الاستيلاء على الفكر الجمعي للناس، وتوجيههم إلى حيث يشتهي ذلك الناطق بالوصاية والتكفير والمحاكمة التطوعية، حيث لا خصومة ولا جاني ولا مجني عليه.
إنها حالة من الالتباس والفوضى والتزاحم في صفوف ومواكب ما كان يجب لها ان تنتظم أو تسير! حالة من اللطم الجماعي وشق الجيوب، على غير سبب ودونما مبرر! فليس هناك ميت فنشق الجيوب على موته أو نلطم الصدور على فقدانه!
فإن كان ثمة ما يستحق اللطم وشق الجيوب، فهو هشاشة الفكر العربي! فذلك هو الميت الوحيد!