صالح الشايجي
ما خلا معصمه من ساعته قط.
تكتكات الساعة أثبت من دقات قلبه!
ينام لا يخلو معصمه من ساعته، يستحم، يأكل، يشرب، الساعة ملتصقة في معصمه.
تكتكاتها تتجاور وتتحاذى زمنيا. تكتكات الليل أخت تكتكات النهار لا فرق لا بالصوت ولا بالزمن!
ضجر الحاضرون حوله من تكتكات ساعته الرتيبة المملة، إلا هو فلم يضجر أو يتململ!
غادر أولئك الحاضرون كلهم، مللا وسأما وضجرا من تكتكات ساعته! حل آخرون وبعد حين غادروه للسبب ذاته!
أما هو فكأنه قد استغنى بساعته عن الآخرين. لا يريد أحدا غير الساعة!
حين وصل إلى مطار «جون كنيدي» في نيويورك، طلب منه المفتش خلع ساعته ووضعها في جهاز الأشعة، ولكنه رفض! أصر المفتش على طلبه وأصر هو على رفضه، متمسكا بالساعة!
أثار الريبة في المطار الكبير المليء بالساعات الحائطية المتكتكة بصمت، حضر المسؤولون ومديرو التفتيش وانتشر رجال الأمن من حوله في حال استعداد وتأهب، ولكنه ظل على إصراره في رفض خلع ساعته!
اقتادوه إلى غرفة مظلمة مليئة بأجهزة تتفحص المرء من داخله ولا تبقي في جسده ذرة غير مكتشفة بما تحويه من ذرات صغيرة وغبارية!
أبقوه ساعات في تلك الغرفة الموحشة، وانتقلت نتائج الفحص الآلي الدقيق الى معامل متخصصة، فحصتها بدقة ولم يكن فيها ما يدعو إلى الريبة! ولكن ظل سر هذه الساعة لغزا، أو ان تمسكه بها هو الذي ظل لغزا، رغم ان الأجهزة اكتشفت انها لا تحوي ممنوعات تضطره للإبقاء عليها.
الكل مذهول مما عاناه من عنت وتأخير ومشقة إلا هو وكأن الأمر لا يعنيه لم يذهل ولم يبد عليه أنه في حال غير عادي.
أخيرا جاء الحل الحاسم، إن لم تخلع ساعتك فإننا مضطرون إلى إعادتك لبلادك!
استقبل الأمر باعتيادية وبرود، صافحهم واحدا واحدا وشكرهم وطلب منهم تدبير أمر رجوعه إلى بلاده!
استقل الطائرة عائدا إلى بلاده! فجأة توقفت تكتكات الساعة، توقف قلبه ومات مع آخر تكتكة!