صالح الشايجي
للباحث المصري «جمال البنا» اجتهاداته الخاصة في الجوانب الإسلامية المختلفة خرج منها بآراء مجدّدة، قد يراها البعض صادمة لما استقر في أذهانهم وما قرّ على مرور الزمــــن في عقيدتهــــم.
لذلك فهو عرضة للهجــــوم والتطــــاول عليه حتى من قبل من هم في أعمار أحفــــاده، وليس نصيبهم من الاجتهاد والقراءة والمعرفة والدرس ما له هـــو، ورغم ذلــك يتجاوز عن تلك التطاولات والسفاهات لا تكبرانــــه، ولكنهــــا شيمــة العلمـــاء والمقتدريــن.
آخر ما قرأته منشورا لجمال البنا، بحث علمي دقيق لصحافي شاب، صحح خطأ تاريخيا لم تنتبه له الأمة على مدى ما يزيد على ألف عام، على كثرة ما في هذه الأمة من علماء ومؤسسات دينية تاريخية، لعل على رأسها الأزهر في مصر.
أما البحث المذكور، فيخص عمر السيدة عائشة أم المؤمنين وزوجة الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) حين زواجها منه.
حيث ومثلما هو معــــروف ان النبي تزوجها في السادسة من عمرها وبنى عليهــــا - أي دخل بهــــا - وهي بنت تسع، وذلـــــك استنـــــادا للحديث المعروف في «صحيح البخاري» ونصه «تزوجني النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وأنـــــا بنت ست سنــــين، فقدمنـــــا المدينة وأسلمتني إليه وأنــــا يومئذ بنت تسع سنين» والحديث على لســــان عائشــــة رضي الله عنهـــا.
أما ما خرج به الباحث فهو تصحيح عمر السيدة عائشة عند دخول النبي ( صلى الله عليه وسلم ) بها، وهو ثمانية عشر عاما لا تسعة كما جاء في الحديث!
أمــــا مــــا هي استنــــادات الباحــــث التي استند إليهــــا لتصحيح سن السيــــدة عائشة، فهي كثيرة لا يسع المجال هنا لذكرهـــا، ولكــــن أكثرهــــا صراحـــــة ويسرا لمعرفة عمــــر السيــــدة عائشــــة الحقيقي، هو مقارنة عمرها بعمر اختها السيدة «أسماء بنت أبي بكر» ذات النطاقين رضي الله عنها، حيـــث انها تكبر السيدة عائشة بعشر سنوات، وكانت وفاتها سنة 73 للهجرة وكان عمرها عند وفاتها 100 سنة، أي انهــــا ولــــدت قبل الهجرة بسبعة وعشرين عاما ما يعني ان السيدة عائشة ولدت قبل الهجرة بسبعة عشر عاما، ولما دخل بهــــا النبي في السنة الأولى للهجرة كان عمرها ثمانية عشر عاما!
يشير الاستاذ «البنا» الى اسم ذلك الباحث وهو «إسلام بحيري»!
يبقى السؤال، هل نحن بحاجة الى إعادة قراءة تراثنا الديني قراءة علمية بحثية لتعميم الفائدة؟!