صالح الشايجي
ثمة ما يطرح الشك قويا، حول تواطؤ حكومات المجتمعات الإسلامية، مع جماعة «الإسلام المتخيل»، ونعني به الإسلام من وجهة نظر واحدة متطرفة متشددة مغالية، تبتعد في كثير من طروحاتها واعتقاداتها عن الإسلام كمفهوم كلي مكتمل بعيد عن الغلو والتسلط، وذلك ما تعتنقه تلك الجماعات وتتواطأ معها الحكومات.
تلك الجماعات تحتكر الإسلام وتُقصره على معتقداتها وتُسكنه في حاضنتها الصغيرة وتضيّق النطاق حوله، حتى ليبدو وكأنه إسلام مولّد خاص بهذه الجماعات، أما بقية الأمة الإسلامية والتي ترى الإسلام أشمل وأكمل من ذلك الحصار الصغير، فهي في نظر تلك الجماعات بعيدة عن الإسلام، وربما خارجة منه.
لقد تميزت المجتمعات الإسلامية منذ عصر الرسالة ثم عصور الخلفاء الراشدين فخلفاء المسلمين وأمراء المؤمنين، بالاستنارة والتنوع وتصارع الأفكار والرؤى أو تلاقحها، ما جعل الدرب ممهدا لانتشار الإسلام لكونه فاتحا لنوافذ الفكر وحريّة الرأي وغنائه بالأفكار الفاعلة والمستنيرة، لم يحس أحد من رعايا دول الخلافة الإسلامية، بأن الإسلام سوط على ظهره أو حبل يلتف حول رقبته، وان هناك عسسا يجوبون الطرقات ليحكموا على إسلام المرء.
أو ان هناك مــا يقيّد حركتهم وتحركهم.
لذلك لم يكن إسلام تلك العصور، وهي القريبة من عصر الرسالة أو حتى المعاصرة له، يحمل مثل هذه الغلواء التي تطبع إسلام هذا العصر، وعلى أيدي تلك الجماعات التي لم تفهم الإسلام ولن تفهمه، لأنها أخذته مجزوءا وانتقائيا وبما يتناسب وطبائعها النفسية التي تنطوي على شدة وغلظة فأخذت من الإسلام ما يناسب تلك المكنونات والمكونات والعقد النفسية فيها، لمداواة تلك العقد، وذلك ما لا يجوز أبدا أن يجعل الإسلام مجرد دواء لمرضى، وهو دين للكل!