صالح الشايجي
السائد بين الكويتيين هو اهتمام مبالغ فيه بالسياسة مع قصور في فهمها، وبالذات ما يتعلق بالديموقراطية وما يخص الدستور!
طبيعتنا ككويتيين الانقياد والتأثر بمن ننزلهم منزلة الرموز والقيادات وأهل الرأي والثقة، وبالتالي نوطّن أنفسنا داخل عقولهم، فلا نتزحزح ونسكنهم أفئدتنا فلا يتزحزحون عنها أو يبرحونها!
ولقد أوحى لنا بعض أولئك «الرموز» بأهمية الدستور، أهمية تكاد تلامس حد «القداسة»، وأقاموا من حوله أسيجة وهمية ومكهربة، ومن يمد يده إليه فإن يده ستقطع! واستقر – مع الأسف – هذا الفهم الجامد للدستور في أذهان العامة وبعض «النخب» بل حتى الذين لا يعرفون أساسا ما هو الدستور، ولم يقرأوا بندا واحدا من بنوده!
تطور هذا الفهم السلبي و«القدسية» التي تحيط بالدستور إلى درجة ان يكون الحديث عن الدستور مساسا بتلك «القدسية».
إذن فإن المطالبة بتعليق الدستور أو حتى إلغائه أو تعديل بعض مواده، ليست من المحرمات السياسية أو المناطق الملتهبة التي يجب عدم الاقتراب منها، بل إن العكس هو الصحيح، فإن تناول مواد الدستور هو المطلوب لإنقاذ البلاد من حالة الاختلال السياسي والتنازع وتأزيم الأمور.
إننا نطالب الكويتيين أو نتمنى عليهم تصحيح مفاهيمهم حول الدستور ونزع رداء الطهارة والقدسية عنه، ولا يجعلونه مربط فرسهم أو «الشرف الرفيع الذي يُراق على جوانبه الدم» فالديموقراطيات الحقيقية هي الدائمة التغيير والتعديل في دساتيرها، ولا تجعله وشما مرسوما على أجسادها غير قابل للزوال أو حتى التغيير!